إن أول حق القرآن على العالم وعلى المسلم أن يؤمن بأنه كلام الله حقا، أنزله على قلب رسوله الصادق الأمين، معجزة بينة وبرهانا قاطعا، يثبت أن محمدا صلى الله عليه وسلم هو رسول الله إلى العالم كله على مدى الزمان، وأنه خاتم النبيين، لقوله تعالى: قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً. وقوله: وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ.
وقوله: ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ.
وإنّ من حق القرآن أن نعظمه غاية التعظيم، إعظاما لقائله عز وجل، وإعظاما لما أتى به من بيانات الحق وفنون الإعجاز، وعرفانا لفضله على العالم، فلولا القرآن لما خرجت العرب من جاهليتها إلى نور العلم وإلى السيادة، ولما خرجت الإنسانية من دياجير الظلام إلى نور الحضارة والعرفان.
وإن من حق القرآن على كل إنسان عامة وعلى المسلم خاصة أن يتلوه حقّ تلاوته، ومن حق تلاوته قراءته حسب أصولها وإقامة حروفه، والخشوع لدى قراءته أو استماعه، وأن يستظهروه في حافظتهم، وسويداء قلوبهم.
وإن من حق القرآن على كل إنسان وعلى كل مسلم أن يتدارسوا القرآن حق درسه، ويتفهموه على أصول فهمه، ويدفعوا تأويل المحرّفين، ويرفضوا زيغ المغرضين في فهم معانيه، أو حقيّته ودعوته وتشريعه.
وإن من حق القرآن على كل مسلم وعلى كل إنسان أن يعنوا العناية كلّها بذوق الجمال في بلاغته وإعجاز بيانه، ويعتبروا بأمثاله وقصصه ومواعظه، ويغوصوا بفكرهم على درره، فإنه لا تفنى عجائبه.
وإن من حق القرآن على كل مسلم وعلى كل إنسان أن يتفهم علوم القرآن، ويقف مع أحكامه، فيصوغ منها حياته، ويترجمها سلوكا يعيشه، وخلقا وإنسانية يسمو بهما على كل مثل العالم.
وإن من حق القرآن على كل مسلم أن يبلغ دعوة الإيمان بالقرآن إلى