لقد أثيرت أسئلة حول موسى عليه السلام وعلاقة فرعون بقومه، وزعم بعض المبشرين أنه كان مجرد طاغية كافر، ليس بينه وبين قومه علاقة عبادة، وأطلق بعض المبشرين ألسنتهم بما شاء لهم أدبهم في حق القرآن. وأثيرت أيضا ريبة حول إبراهيم عليه السلام ووجوده، أثار المستشرق اليهودي جولد تسيهر هذه الريبة [1].
لكن تقدم علم الآثار وتفوق العلماء في قراءة الأحافير جاء ليسجل مصداق ما جاء به القرآن الكريم، وأنه صحح أخطاء في تراث الأمم السابقة، وتفرّد بمعلومات دقيقة لم تكن معروفة عند أحد من العالم.
أما بشأن فرعون فقد تبين من الآثار أنه كان يقيم نوعا من علاقة التأليه مع شعبه. كما اكتشفت جثته التي تفرد القرآن بالإخبار عن نجاتها: فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً. وعقد الدكتور موريس بوكاي فصلا هاما [2] حول هذه القضية وهو قد شاهد «مومياء» فرعون هذا بنفسه في متاحف القاهرة واختتم الفصل بقوله: «أيّ بيان رائع لآيات القرآن ذلك الذي يخص بدن فرعون والذي تهبه قاعة الموميات الملكية بدار الآثار بالقاهرة لكل من يبحث في معطيات المكتشفات الحديثة عن أدلة على صحة الكتب المقدسة».
وأما بشأن إبراهيم الخليل عليه السلام فقد جاءت الحفريات لتثبت أخبار القرآن عنه وعن قومه تلك التي قام بدراستها «ليوناردو وولي» وألّف بناء عليها كتابه عن إبراهيم، وإذا به يخبر عن قوم بابل وعبادتهم للنجوم، وأن عبادة القمر سابقة على عبادة الشمس خلافا لما قد يتبادر للذهن، وأن رب الأرباب عند اليونان هو كوكب المشتري وليس الشمس أو القمر، ومن ذلك قدم القرآن [1] في أوائل كتابه: «العقيدة والشريعة في الإسلام» ص 12 وما بعدها. [2] في كتابه القيم «دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة» ص 149 - 271.