وعده، وإن خبره صادق محتم الوقوع. ومن أصدق من الله قيلا! ومن أوفى بعهده من الله!! فإنه سبحانه لا يكذب خبره ولا يتخلّف وعده ولا تنقض كفالته.
ثانيا: قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [1].
فإنه لو جرى على هذا القرآن الكريم تبديل أو زيادة أو نقص: لكان ذلك منافيا ومعارضا لقوله لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ فإن الله تعالى أخبر أن الباطل لا يأتي هذا القرآن ولا يتسرب إليه لا في نصوصه ولا في معانيه، فهو لا يعارض ولا يناقض، ولا يزاد فيه ولا ينقص منه، لأن الزيادة فيه باطلة ليست منه، والنقص منه هو إبطال لما هو منه حقا دالا على حق. فقوله تعالى لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ دليل صيانته وحفظه من التلاعب والزيادة والنقص. وهذا الخبر القرآني لا يتخلف ولا يتبدل. إذن فالباطل لا يمكن أن يتسرب إلى هذا القرآن قطعا، لا في نصوص كلماته بزيادة أو نقص، ولا في معانيه بتكذيب أو نقض.
ثالثا: لو جرى على هذا القرآن الكريم تحريف أو زيادة أو نقص: لكان ذلك منافيا ومخالفا لقوله تعالى: وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ الآية. وذلك أن الله
تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ. فقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن ينذر به أول هذه الأمة وأوسطها وآخرها على حد سواء، وجعل الله تعالى القرآن الكريم حجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم على جميع العباد، وبلاغا عنه لكافة العباد إلى يوم المعاد، فإنه صلى الله عليه وسلم صاحب الرسالة العامة للثقلين إلى يوم القيامة، ولذلك اقتضت الحكمة الإلهية أن يبقى كتابه الذي أنزله الله عليه، يبقى محفوظا إلى يوم الدين، لتقوم الحجة على العباد، وليهتدوا به إلى سبيل [1] سورة فصلت، الآية 41.