فتحقق بذلك توفر طاقة كبيرة لكتابة القرآن وترتيبه، كما أخرج الحاكم [1] بسند على شرط الشيخين عن أنس رضي الله عنه قال: «كنّا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن من الرقاع .. »، ومقصود هذا الحديث فيما نرى هو أن «المراد به تأليف ما نزل من الآيات المفرقة في سورها وجمعها فيها بإشارة النبي صلى الله عليه
وسلم».
ومن هنا كان لا بد أن تتوفر نسخ كثيرة من القرآن مدونة عند عدد من الصحابة مثل «أبيّ بن كعب، وعبد الله بن مسعود، ومعاذ بن جبل، فبغير شك جمعوا القرآن، والدلائل عليه متظاهرة».
وكذلك السيدة عائشة رضي الله عنها.
وثمة نصوص تثبت كثرة كتابة القرآن وانتشاره مكتوبا، تؤكد ما ذهبنا إليه، نذكر منها، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو»، متفق عليه [2].
وفي لفظ لمسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تسافروا بالقرآن، فإني لا آمن أن يناله العدو».
وهذا ظاهر في وجود المصاحف عندهم مكتوبة كما أشار البخاري في صحيحه.
وكذلك كتابه صلى الله عليه وسلم المشهور إلى عمرو بن حزم: «أن لا يمسّ القرآن إلا طاهر» أخرجه مالك والنسائي وابن حبان [3].
وقد تظاهرت الأخبار أن سبب إسلام عمر بن الخطاب هو سماعه القرآن يقرأ في المصحف من سورة طه.
وغير ذلك من الأخبار في هذا الباب يثبت وجود القرآن عندهم مكتوبا في نسخ عديدة لديهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم. وبذلك تحقق للقرآن [1] ج 2 ص 229 وانظر المرشد الوجيز لأبي شامة ص 44 - 45. [2] البخاري ج 4 ص 56 ومسلم ج 6 ص 30. [3] الموطأ ج 1 ص 157 والنسائي ج 8 ص 57 وموارد الظمآن ص 203.