وغيرهم من أئمة المسلمين قديما وحديثا، وهو إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل. والظاهر المتبادر إلى الأذهان المشبّهين منفيّ عن الله، فإن الله لا يشبهه شيء من خلقه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ.
وهكذا سائر الآيات يفسرها السلف رضي الله عنهم على هذه الطريقة [1].
وقد اتفقوا على وجوب تأويل الآيات الواردة في متشابه الصفات في بعض الأحوال مثل:
1 - أن يكون للمتشابه تأويل واحد يفهم منه فهما قريبا، فيجب القول به إجماعا، وذلك كقوله سبحانه: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ، فهذه الآية ليس لها إلا تأويل واحد، هو الكينونة مع الخلق بالإحاطة بهم علما وسمعا وبصرا وقدرة وإرادة.
قال الحافظ ابن كثير في تفسيرها: «أي رقيب عليكم، شهيد على أعمالكم حيث أنتم، وأين كنتم من بر أو بحر، في ليل أو نهار، في البيوت أو القفار الجميع في علمه على السواء ... » [2].
2 - أنه إذا توقف الدفاع عن الإسلام على التأويل لهذه المتشابهات وجب تأويلها بما يدفع شبهات المشتبهين ويرد طعن الطاعنين [3].
ونقول أيضا: إنه إذا خيف من ترك التأويل سوء فهم الناس ووقوعهم في الزيغ وجب التأويل والأخذ بمذهب الخلف، وما أكثر ما يحتاج إليه في هذا الزمن الذي قل فيه العلم وكثر الجهل، وشاعت في أوساط المتعلمين أساليب التفكير العامّيّة، وطرق التصور السطحية. [1] انظرها في مواضعها من تفسير ابن كثير. [2] ج 8 ص 34. [3] انظر هاتين المسألتين في مناهل العرفان ج 2 ص 182.