المولود سنة 376. وهو عربي النسب من قبيلة قشير. كان علّامة في علوم عصره، وتوجه بعد إتقانها إلى التصوف بتلمذته على أبي علي الحسن الدقاق، وكان الدقاق إمام عصره، فارها في العلم، جنيدي الطريقة. فجمع القشيري العلوم العقلية والنقلية والصوفية، وراح يمزج بينها بما لا يعارض بينها، وألّف كتبا كثيرة، وكانت له كرامات ظاهرة. وتوفي سنة 465 [1].
ويمتاز هذا التفسير بأنه تفسير إشاري كامل للقرآن الكريم، وأن صاحبه سار على خطة واضحة بينها في مطلع كتابه، وهي خطة تتمشى مع شروط التفسير الإشاري،
وأحيانا كثيرة مع التفسير الظاهري نفسه. وهو مطبوع في ثلاثة مجلدات كبار.
ومن أمثلة ذلك:
قوله جل ذكره: إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ.
قال القشيري [2]: «الإسلام هو الإخلاص، وهو الاستسلام، وحقيقته الخروج عن أحوال البشرية بالكلية من منازعات الاختيار ومعارضات النفس.
قالَ: أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ: قابلت الأمر بالسمع والطاعة، واعتنقت الحكم على حسب الاستطاعة، ولم يدخر شيئا من ماله وبدنه وولده، وحين أمر بذبح الولد قصد الذبح، وحين قال له خله من الأسر عمل ما أمر به، فلم يكن له في الحالين اختيار ولا تدبير. ويقال: إن قوله: «أسلمت» ليس بدعوى من قبله، لأن حقيقة الإسلام إنما هو التبرّي من الحول والقوة، فإذا قال:
«أسلمت» فكأنّه قال: أقمني فيما كلّفتني، وحقق مني ما به أمرتني، فهو أحال الأمر عليه، لا لإظهار معنى أو ضمان شيء من قبل نفسه.
ويقال: أمره بأن يستأثر بمطالبات القدرة، فإن من حلّ في الخلّة محلّه يحل به لا محالة ما حلّ به ... » إلى آخر ما ذكره من فوائد قيمة. [1] باقتضاب عن تقديم المحقق لكتاب «لطائف الإشارات». [2] لطائف الإشارات ج 1 ص 126. أخذنا المثالين منه بالتقليب العفوي.