والصغير، والغنى والفقير، والقوى والضعيف، وتضامن فى جميع الأوقات والأزمات على مستوى المجتمع والعالم الإسلامى، فلا تكون هناك دولة فقيرة ترزح تحت نير الجوع، والحرمان، والفاقة، والعوز، وأخرى تنعم بطيبات الحياة، وما بها من ترف وتخمة فى المأكل والمشرب والمسكن.
أفلا نتعلم من طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أول درس له فى بناء المجتمع الفاضل قائم على التقوى والإيمان؟. ألا نرى كيف استلب الأحقاد من الصدور، والغل من القلوب، وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ [الحشر: 9].
تطبيق جدير بالالتفات والأخذ، يقوم على المال وتثميره، وإنفاقه فى وجوه الخير، وإبعاده عن المظالم وما تجره من طحن للناس واستبعاد لأجسامهم وجهدهم.
هذه هى دعوات الإسلام إلى إنفاق المال واستغلاله، والترغيب فيه، والتحذير من مغبات الشح والبخل، وإلقاء النفس فى المهالك.
النفس الإنسانية:
لكل شىء خلقه الله سبحانه وتعالى حكمة من وراء وجوده، وقد تظهر هذه الحكمة أمام تفكيرنا وأعيننا، وقد تغيب عن أبصارنا وعقولنا فترة من الزمن، ثم تبدو بعد ذلك، فلم يخلق الله الكون عبثا أو لهوا، حاشا لله، وإنما خلقه لحكمة أرادها، وغاية قصدها، وكذلك لم يخلق الإنسان ليكون كبقية مخلوقاته الكثيرة فى أرضه وسمائه، وبحاره ومحيطاته، وهوائه وسحابه، وشمسه وقمره، وأفلاكه وملائكته، وإنما خلقه ليحقق هدفا إليها، وغرضا عبرت عنه الآيات القرآنية: وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [الذاريات: 56 - 58].
بتلك القوة القادرة، القاهرة، الخالقة، وبتلك الإرادة الإلهية خلق الإنسان ليعمر الكون، وليكون خليفة له فى أرضه، يعمرها، ويحيا على ظهرها، ويقوم بعبادته وطاعته لله، استجابة لأوامره، واستغلالا لما خلق الله فيه من عقل مميز.
هيأ الله لهذا الإنسان الأسباب الكثيرة التى تحقق هذه الحكمة، وتمهد لها، فخلق مع الإنسان الضعيف الجسم أسلحة الحياة التى تمكنه من التغلب على وحوشها الضارية، وأحجامها الكبيرة، أسلحة وأدوات، ووسائل تميزه على بقية المخلوقات التى تقابل