الذى يزعمون أنه إيقان ليس إيقانا أصلا، بل هو جهل محض، كما أن معتقدهم خيال باطل، وإنما الإيقان ما عليه المؤمنون، كما أن الآخرة هى التى يعتقدونها، فإن أهل الكتاب يقولون: لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى، وأن اليهود قالوا:
وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً [البقرة: 80]، إلى آخر مفترياتهم الباطلة، والله يقول الحق، وهو يهدى السبيل.
الرد على المحامى أحمد حسين:
لقد رأينا كتابا بعنوان: فى الإيمان والإسلام [1]، وضعه أحد المحامين فى هذا العصر، وهو الأستاذ أحمد حسين، وفيه ما لا يتفق مع النصوص القرآنية السابقة، لذلك رأينا من الواجب علينا إزاء الدعوة الإسلامية أن نبين ما فيه، إخلاصا للحقيقة، ووضعا للحق فى نصابه، فنقول مستعينين بالله وحده، ومتوكلين دائما عليه:
قال الكاتب فى صفحة (174، 175) من هذا الكتاب تحت عنوان: الإسلام يؤاخى بين الأديان ويوفق بينها، بعد كلام ما نصه: فجاء الإسلام على خلاف جميع العقائد التى سبقته يؤاخى بين الأديان كلها.
الإسلام والأديان:
نقول: إن الإسلام كما هو معلوم وثابت يوافق الأديان السابقة كلها، ويتآخى معها ويرتبط بها أشد الارتباط فى أمر التوحيد بنص قوله تعالى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء: 25]، ويتآخى معها كذلك فى أصول العبادات دون هيئاتها وأشكالها، قال تعالى حكاية عن بنى إسرائيل: وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً، إلى أن قال:
وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ [البقرة: 83].
وقال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ [البقرة: 183]، أما هيئات العبادة وأشكالها، فمختلف فيها قطعا، حيث إن لكل أمة مع رسولها تشريعا خاصا فى هذه العبادات اقتضته الحكمة الإلهية، كما أوضحناه سابقا فى أول البحث، ودليل هذا الاختلاف فى التشريع قوله جل جلاله:
لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً [المائدة: 48].
قال العلامة أبو السعود عند هذه الآية ما نصه: والمعنى: لكل أمة كائنة منكم أيها [1] طبعة دار القلم، الطبعة الثانية.