responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عون الحنان في شرح الأمثال في القرآن المؤلف : على أحمد عبد العال الطهطاوى    الجزء : 1  صفحة : 114
يكفرون بشيء منها، فأيس إبليس منها، وتمناها اليهود والنصارى، وقالوا: نحن نتقى ونؤمن بآيات ربنا، فأخرجهما الله تعالى بقوله: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ، ومعنى الأمى أنه لا يقرأ ولا يكتب، وهى صفة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عليه وسلم: «نحن أمة أمية لا نكتب، ولا نحسب»، والعرب أكثرهم ما كانوا يكتبون ولا يقرءون، أى الخط، والنبى صلى الله عليه وسلم كان كذلك.
قال أهل التحقيق: وكونه أميا بهذا التفسير، كان من جملة معجزاته، وبيان ذلك من وجوه:
الأول: أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ عليهم كتاب الله تعالى منظوما مرة بعد أخرى، من غير تبديل ألفاظه، ولا تغيير كلماته، والخطيب من العرب إذا ارتجل خطبة ثم أعادها، فلا بد وأن يزيد فيها، أو ينقص عنها بالقليل والكثير، ثم إنه صلى الله عليه وسلم مع أنه ما كان يكتب ولا يقرأ يتلو كتاب الله تعالى من غير زيادة، ولا نقصان، ولا تغيير، فكان ذلك معجزة، وإليه الإشارة بقوله تعالى: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى [الأعلى: 6].
ثانيا: أنه لو كان يحسن الخط والقراءة، لكان متهما فى أنه ربما طالع كتب الأولين، فحصل على هذه العلوم من تلك المطالعة، فلما أتى بالقرآن العظيم المشتمل على العلوم الكثيرة من غير تعلم أو مطالعة، كان ذلك من المعجزات، وهذا هو المراد من قوله تعالى: وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ
[العنكبوت: 48].
ثالثا: تعلم الخط شىء سهل، فإن أقل الناس ذكاء وفطنة يتعلمون الخط بأدنى سعى، فعدم تعلمه يدل على نقصان عظيم فى الفهم، ثم إنه تعالى آتاه علوم الأولين والآخرين، وأعطاه من العلوم والحقائق ما لم يصل إليه أحد من الخلق، ومع تلك القوة العظيمة فى العقل والفهم جعله بحيث لم يتعلم الخط الذى يسهل تعلمه على أقل الخلق عقلا وفهما، فكان الجمع بين هاتين الحالتين المادتين جاريا مجرى المعجزات. انتهى.
ثم إن هذا الاتباع الذى وصف به اليهود والنصارى تارة يكون بالقوة فقط لمن تقدم موته على زمانه صلى الله عليه وسلم، وتارة يخرج من القوة إلى الفعل كمن لحق زمانه زمان دعوته، فمن علم الله تعالى منه أنه لا يتبعه إذا أدركه لا يغفر له، ولو عمل جميع الطاعات، وقد عرفه سبحانه لهم بجميع خواصه حتى لا يتطرق عند مجيئه ريبة، ولا يتعلل أحد فى أمره بعلة،

اسم الکتاب : عون الحنان في شرح الأمثال في القرآن المؤلف : على أحمد عبد العال الطهطاوى    الجزء : 1  صفحة : 114
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست