فصل فى هديه صلى الله عليه وسلم فى تدبر القرآن
كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذا شرع فى قراءة القرآن شأنه التدبر والخشوع والتفكر.
والدلائل على فعله ذلك وصحابته وسلف هذه الأمة أكثر من أن تحصر. والحث على ذلك من الله. سبحانه وتعالى- أجلى وأظهر- فبه تنفتح القلوب فتدرك المقاصد الصحيحة والآيات العقلية الصريحة قال تعالى: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ [1].
وصفة ذلك أن يشغل القارئ قلبه بالتفكر فى معنى ما يقرأ، ويتجاوب مع كل آية بمشاعره، وعواطفه، ويتأمل الأوامر، والنواهى ويعتقد قبول ذلك.
فإن كان ممن قصر فيه فيما مضى اعتذر، واستغفر. وإن كان ممن وفق للعمل به شكر، وكبر. وإذا مر بآية رحمة استبشر، وسأل وإذا مر بآية عذاب أشفق وتعوذ. إلى غير ذلك من معانى الآيات.
ويستعان على كشف هذه المعانى وإبانتها بأحد كتب التفسير [2] فإن تفاوت الإدراك بين الناس أمر لا مراء فيه.
فعن حذيفة بن اليمان قال «صليت مع النبى صلّى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة فقرأها ثم النساء فقرأها ثم آل عمران فقرأها يقرأ مترسلا إذا مر بآية فيها تسبيح سبح وإذا مر بسؤال سأل وإذا مر بتعوذ تعوذ ... الحديث» [3]. [1] ص: 29. [2] أعظم تفسير عند المسلمين هو تفسير ابن جرير الطبرى، وابن كثير الدمشقى، وإن كان لا بد من أحدهما فتفسير ابن كثير. [3] صحيح مسلم بشرح النووى (ج 6 ص 61).