وإذ لم ينه عنه مع كثرة الحيض فى زمنه. علم أنه ليس بمحرم) [1].
قلت: (وجواز قراءة القرآن للحائض والجنب هو الرأى الراجح عندى، والذى تقوم به الأدلة وترتاح له النفس ... والله أعلم).
أما المسألة الثانية: والتى تدعو الحاجة لذكرها لأهميتها:
«فهى هل يجوز للحائض أو الجنب مس المصحف؟».
وفى هذه المسألة قولان لأهل العلم أعرضهما ثم أذكر الراجح منهما ...
* القول الأول بعدم جواز المس: واستدل المانعون بقوله تعالى: لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ [2] وأجيب على هذا القول بأن المراد بالضمير فى قوله «لا يمسه» هو الكتاب المكنون الذى فى السماء «والمطهّرون» هم الملائكة، وهو قول أكثر المفسرين وحتى لو سلم رجوع الضمير إلى القرآن لكانت دلالته على المطلوب من المنع من مسه غير مسلمة لأن المطهر من ليس بنجس، والمؤمن ليس بنجس دائما لحديث «إن المؤمن لا ينجس» [3] وعليه فلا يصلح حمل المطهّر على من ليس بجنب ولا حائض بل يتعين حمله على من ليس بمشرك لقوله تعالى إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ [4].
واستدل المانعون أيضا بما روى عن النبى صلّى الله عليه وسلّم من قوله: «لا يمس القرآن إلا الطاهر» [5] وكل طرق هذا الحديث ضعيفة، فالحديث سنده ضعيف وهو لا يصلح أصلا للاحتجاج للقول السابق فى معنى لفظ (طاهر) وقد عرفته. [1] الفتاوى مجموعة ابن القاسم (ج 26 ص 191). [2] الواقعة: 79. [3] رواه مسلم بشرح النووى (ج 4 ص 67). بلفظ سبحان الله إن المؤمن لا ينجس. [4] التوبة: 28. [5] الحديث أخرجه الحاكم فى المستدرك وغيره كالبيهقى والطبرى وفى كل طرقه ضعف، فهى إما مرسلة، وإما عن متروك أو ضعيف. انظر نيل الأوطار (ج 1 ص 205).