اسم الکتاب : قانون التأويل المؤلف : ابن العربي الجزء : 1 صفحة : 52
الفلسفة والتصوف فقال: "فالكل دائرة مفروضة، وهالة حول قمر الحق معروضة، تعود الخطوط عن محيطها المبدد إلى مركزها المحدد، فالفيلسوف يروم التشبه بالعلة الأولى ويعني بها ذات الحق، وأن يتحد بالثانية وهي مرآة وجه الحق، والِإشراقي يروم التجوهر بنور الأنوار المعبر عنه بالحق، والاتصال به إما بواسطة من الحق، أو بغير واسطة من الحق" [1].
قلت: فالذي أريد أن أؤكده هو أن عصر ابن العربي كانت فيه طبقة من الصوفية والفلاسفة حاولوا جاهدين أن ينشروا أفكارهم بين العامة والعلماء، ودليلنا على هذا الأسئلة التي وجهها أعيان الأندلس إلى ابن السيدِ البَطَلْيَوْسي (ت: 561) والتي أجاب عليها في كتاب "الحدائق في المطالب الفلسفية العويصة" [2] ويقصد بها مطالب المتصوفة، ومن الأسئلة سؤال عن معنى قول الحكماء أن ترتيب الموجودات عن السبب الأول يحكي دائرة وهمية مرجعها إلى مبدئها في صورة الإِنسان، وسؤال آخر عن معنى قولهم: إن علم الِإنسان يحكي دائرة وهمية، وإن ذاته تبلغ بعد مماته إلى حيث يبلغ علمه في حياته، وهاتان القضيتان أهم القضايا التى سَتَشْغَل -فيما بعد- فكر ابن العربي الصوفي [3]، وأكثر من هذا نجد في شعر ابن السيدِ القضايا الآتية: قضية "وحدة الوجود"، وقضية "اعرف نفسك تعرف ربك" ومثال على ذلك قوله:
وكل وجود عن وجودك كائن ... فواجد أصناف الورى لك واجد
سرت منك فيها وحدة لو منعتها ... لأصبحت الأشياء وهي بوائد
وكم لك في خلق الورى من دلائل ... يراها الفتى في نفسه ويشاهد
= وفيات الأعيان: 4/ 429 (ط: إحسان عباس)، الصفدي: الوافي بالوفيات 2/ 240 (ط: استانبول: 1949) وانظر ثبت ببليوغرافي عنه في الموسوعة المغربية لعبد العزيز بن عبد الله: 1/ 45. [1] روضة التعريف بالحب الشريف: 2/ 630 - 631 (ط: دار الثقافة بالمغرب). [2] نشرَهُ آسين بلاسيوس مع ترجمة إلى الإِسبانية سنة 1940، وأعاد طبعه الشيخ محمد زاهد الكوثري في القاهرة سنة 1946. [3] انظر الفتوحات المكية: 3/ 3589.
اسم الکتاب : قانون التأويل المؤلف : ابن العربي الجزء : 1 صفحة : 52