responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : قانون التأويل المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 464
وهكذا تستدل أيها العبد بنفسك على ربك، حتّى لقد غلا في ذلك بعضهم فقال: إن الِإنسان هو العالم الأصغر، والسموات والأرض بما تشتمل عليه هو العالم الأكبر، وأفرط في التشبيه بينهما والمناسبة لهما، وليس ذلك بُمعْتَرض على الدين، ولا قادح في عقيدة المسلمين، ولا بعيد من حكمة الملك الحق المبين. فلا معنى لِإنكاره، فإنك لا تنظر إلى معنى في نفسك إلا ولله فيك دليل شاهد على أنه واحد.
وإن العبد منا ليؤلف كتاباً مُوعباً في علم، ثم يختصره في طريق، ثم يشير إلى نكته في آخر، فيأتي عمله بسيطاً ووجيزاً وخلاصة، ويدل الأول على الآخر، ويقتضي القليل الكثير.
وإذا تأملت هذا تأملًا محققاً، وأمعنت النظر، لم يبعد أن يخلق الباري سبحانه الجنة والنار وهو الخلق الأعظم، ثم خلق السموات والأرض بما فيهن وبينهن، وهو الخلق الأوسط وخلق الإنسان آخراً، وخاتمة بعد تمام المخلوقات كلها، وهو الخلق الأصغر [1].
ومن حكمة الله سبحانه وتعالى أن خلق العالم الأكبر كله للعالم الأصغر نعيماً للطائع وعذاباً للعاصي، ولذلك جعل العالم الأصغر فريقين، لما خلق العالم الأكبر دارين، وبهذه المعاني سمي الخالق البارىء المصور، فإن الخالق هو الموجد المُقَدِّر، والباري هو الموجد المصور، والمصور هو

[1] قارن بالغزالي في ميزان العمل: 200 الذي يقول: "ومن رحمة الله على عباده أن جمع في شخص الإنسان على صغر حجمه من العجائب ما يكاد بوصفه يوازي عجائب كل العالم، حتى كأنه نسخة مختصرة من هيئة العالم، ليتوصل الإنسان بالتفكر فيها إلى العلم بالله".
قلت: وقارن كذلك كلام الإمامين الجليلين بما جاء في رسائل إخوان الصفاء: 2/ 462.
اسم الکتاب : قانون التأويل المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 464
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست