اسم الکتاب : قانون التأويل المؤلف : ابن العربي الجزء : 1 صفحة : 351
وكلهم مجمعون على تشبيه الخالق عز وجلّ بالمخلوق، فجوزوا عليه الجسمية فقالوا: إنه جثة على صورة إنسان وأنه من دم ولحم، وله أعضاء من يد ورجل ورأس وساق، وجوزوا عليه الانتقال والمصافحة، وإن المسلمين المخلصين يعانقونه في الدنيا والآخرة ويروى عن داود الجورابي المشبه أنه كان يقول: "اعفوني عن الفرج واللحية واسالوني عما بدا لكم" -تعالى الله عن ذلك.
وهذه الخزعبلات فيها من التنفير وسوء المقالة وقلة الأدب ما يمنع الباحث من الاسترسال معهم سواء بعرض آرائهم أو الردّ عليهم فمذهبهم ساقط لا يقول به عاقل.
رأي الفلاسفة:
أجمع فلاسفة الإِسلام (والإِسلام منهم براء) أمثال ابن سينا والفارابي وابن رشد وغيرهم على نفي الصفات الإلهية نفياً تاماً؛ لأن إثباتها في نظرهم يوجب التعدد ويدخل الكثرة في الذات الِإلهية [1]. وهكذا جعلوا الإله فكرة مجردة لا مضمون لها.
رأي المعتزلة:
يذهب المعتزلة إلى نفي الصفات الإلهية بعامة وإلى نفي الصفات الخبرية بخاصة، وتأويل الآيات والأخبار التي وردت في هذا الموضوع؛ لأن إثباتها في نظرهم يؤدي إلى جسمية الله تعالى، فهم يؤولون قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] بقولهم إن الاستواء هو
= والنحل: 105، البغدادي: الفرق بين الفرق: 233 (ط: محيي الدين)، الملطي: التنبيه: 72. الدكتور علي سامي النشار: نشأة الفكر الفلسفي في الإِسلام: 1/ 285 - 308، انظر تعليقنا على قانون التأويل ص: 437 التعليق رقم: 2. [1] انظر الغزالي: مقاصد الفلاسفة: 223.
اسم الکتاب : قانون التأويل المؤلف : ابن العربي الجزء : 1 صفحة : 351