اسم الکتاب : لمسات بيانية في نصوص من التنزيل - كتاب المؤلف : السامرائي، فاضل صالح الجزء : 1 صفحة : 185
1- تبدأ الآية بقوله: {وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ} وهذا الأمر بالإنفاق مقابل النهي عن الإنفاق على أصحاب رسول الله من المنافقين. فالمنافقون يقولون لأوليائهم: {لاَ تُنفِقُواْ على مَنْ عِندَ رَسُولِ الله حتى يَنفَضُّواْ} . والله يقول لأوليائه: {وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ} فانظر كيف قابل النهي بالأمر.
2- قال: {مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ} فجاء بـ (من) الدالة على التبعيض ولم يقل: (أنفقوا ما رزقناكم) ، للدلالة على أن الإنفاق إنما يكون في قسم من المال ولا يشمل المالَ كله، فتستسهلُ النفوسُ التخلي عن قسم من المال، استجابةً لأمر ربها بخلاف ما إذا سألها المال كله، فإنها تستعظمُ ذلك وتبخلُ به، قال تعالى: {وَلاَ يَسْأَلْكُمْ أموالكم * إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُواْ وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ} [محمد: 36-37] .
3- أسند الرزق إلى نفسه فقال: {مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ} للدلالة على أن هذا المال إنما هو من رزق الله سبحانه، ملّكه عبادَهُ، فتطيب النفوس لإخراج بعض ما رزقه الله، استجابةً لأمرِ الله الرازق.
وهذا التعبير اللطيف مَدْعاةٌ إلى الخروج عن الشح والاستجابة لأمر الله.
4- ثم قال: {مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الموت} فجاء بـ (من) ولم يقل: (قبل أن يأتي أحدكم الموت) إشارة إلى قرب الموت من الإنسان، وأنه على الإنسان أن يسابق الموتَ ويبادر بالعمل الصالح. فإن (من) هذه تفيد ابتداء الغاية الزمانية، ومعناه الزمن القريب من الموت بل المتصل به، وأن حذفها يفيد الوقت الذي هو قبل الموت سواء كان قريباً أم بعيداً ويفيد إعطاء المهلة مع أن الأجل إذا جاء لا يمهل، فالمجيء
اسم الکتاب : لمسات بيانية في نصوص من التنزيل - كتاب المؤلف : السامرائي، فاضل صالح الجزء : 1 صفحة : 185