responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مباحث في إعجاز القرآن المؤلف : مصطفى مسلم    الجزء : 1  صفحة : 275
إن المقالة التي قالها أحد المسلمين (لن نغلب اليوم من قلة) [1] لم يسمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة، ولولا نزول الوحي في ذكرها لذهبت الكلمة في ضجيج الناس وصخب المشاة. إلا أن خطورة الغفلة عن الأسباب الحقيقية للنصر، ووجود المخالفات في صفوف المجاهدين ينعكس أثره على الجميع، ولذلك جاء إسناد الإعجاب إلى المجموع (أعجبتكم) فنزل الوحي منبها مصححا مهذبا.
ج- وفي غزوة أحد كشف لجانب آخر من الأمور الخفية التي لا سبيل لأحد من البشر الاطلاع عليها، وهي النية الكامنة في القلب عند التوجه لأداء فعل ما. فقد خرج المسلمون إلى قتال أعدائهم، وتخاذل المنافقون وعاد بهم القهقرى كبيرهم ابن أبيّ، وخوطبت الفئة التي دخلت المعركة وانتصرت في بدايتها ثم انشغلت طائفة منهم بجمع الغنائم، خوطبت بقول الله تعالى: وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152) [آل عمران: 152]. يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ما كنت أرى أن أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد الدنيا حتى نزلت فينا يوم أحد:
مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ [2]. إن هذه الإرادة أمر قلبي لا يطلع عليه أحد سوى الله الذي لا تخفى عليه خافية. وهذا الكشف عن هذا الجانب الغيبي يجعل المؤمن حارسا لوساوس القلب مراقبا للمشاعر والأحاسيس. وفي ذلك إحياء للقلب وتصفية للنوايا من الشوائب والرغائب الدنيوية ليبقى المؤمن في أفق رفيع متألق من الإخلاص لله عزّ وجلّ.
نتلمس من ذلك كله أن تسديد مسيرة الدعوة وتربية الأمة وتهذيب

[1] فتح القدير للشوكاني 2/ 348.
[2] انظر الدر المنثور 2/ 349.
اسم الکتاب : مباحث في إعجاز القرآن المؤلف : مصطفى مسلم    الجزء : 1  صفحة : 275
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست