responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مباحث في إعجاز القرآن المؤلف : مصطفى مسلم    الجزء : 1  صفحة : 262
الْأَمْرَ وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (44) وَلكِنَّا أَنْشَأْنا قُرُوناً فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وَلكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (45) [القصص: 44 - 46].
إن ورود أخبار الأمم الماضية والقرون الخالية بهذا الشكل المفصل الدقيق في القرآن الكريم لدليل على أنه وحي من الله سبحانه وتعالى وليس من عند البشر، لأن من ترعرع في بيئة مثل البيئة التي نشأ فيها محمد صلى الله عليه وسلم لا يمكنه أن يطلع على مثل هذه الأمور التي لا سبيل للحصول عليها إلا بالتلقي، ولم يكن في تلك البيئة
الأمية من يعرف هذه الأنباء على هذا الوجه الدقيق.
وإن وجد في ذلك العصر في أطراف الجزيرة العربية بعض أهل الكتاب فلقد كانوا منغلقين على أنفسهم، وليس لهم تأثير فيمن حولهم، وكان المتخصص منهم في علم الكتاب- على قلتهم- يرى في اطلاعه على جوانب من قصص السابقين ميزة عظيمة له، فكان ضنينا به حتى لا ينافس على مركزه.
وكانوا يعرفون قرب مبعث الرسول الخاتم للأنبياء والمرسلين، فكان من جملة ما يتحققون به من صدقه سؤاله عن القرون الغابرة ومصائر الأمم السابقة، كما ورد في سبب نزول سورة الكهف، حين سألت قريش اليهود أن يدلوهم على أمور يتحققون بها صدق محمد صلى الله عليه وسلم، فلما أجابهم القرآن الكريم ووافق ما عندهم من أنباء بل فاقها دقة وتفصيلا، وصحح ما التبس عليهم أمره واختلط عليهم وقائعه، أو حرفوه وبدّلوه عن قصد منهم، أو كتموه تعمية وتضليلا ووقف موقف التحدي منهم، وبيّن الحق والصواب من بين ركام الباطل الذي ألقوه عليه، علموا أن هذا لم يكن لبشر أن يدركه بالاطلاع والتتبع والاستقراء مهما أوتي من علم وحكمة ودراسة لسير الأولين فما بالك إذا كان الذي جاء به أميا ونشأ في بيئة أمية كما أخبر عنه ربه جل جلاله: وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ (48) [العنكبوت: 48].

اسم الکتاب : مباحث في إعجاز القرآن المؤلف : مصطفى مسلم    الجزء : 1  صفحة : 262
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست