responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مباحث في إعجاز القرآن المؤلف : مصطفى مسلم    الجزء : 1  صفحة : 138
وفي الأمثلة التالية نرى اهتمام النظم القرآني في اختيار الكلمة المناسبة ذات الجرس المعين لأداء وظيفتها في الإيقاع كما أنها تؤدي في نفس الوقت دورها في تصوير المعنى وتشخيصه وإيضاحه على أتم صورة.
أ- اختير كلمة (حرث) لتشبيه النساء به دون الأرض أو الحقل أو الزرع وغيرها من المترادفات وذلك في قوله تعالى: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [البقرة: 223]. ولعل اختيار هذه اللفظة دون سواها لما فيها من لطف الكناية في ذلك التشابه بين صلة الزارع بحرثه وصلة الزوج بزوجه في هذا المجال الخاص، وبين ذلك النبت الذي يخرجه الحرث وذلك النبت الذي تخرجه الزوج وما في كليهما من تكثير وعمران وفلاح.
بينما هذه اللطائف لا تستفاد من كلمة (الأرض) إذ قد تكون جدباء لا تصلح لحراثة الزرع وكذلك الحقل فإنه لا يدل على عمل المالك فيه بل تدل الكلمة على شيء جاهز لا دخل فيه لبذر الحارث.
بذلك نلاحظ أن القرآن الكريم يتناول من الكلمات المترادفة أدقها دلالة على المعنى وأتمها تصويرا وتشخيصا للصورة وأجملها وأحلاها إيقاعا ووزنا بالنسبة إلى نظائرها.
ب- ومن هذا القبيل كلمة (أغطش) في قوله تعالى: وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها (29) [النازعات: 29].
فهي مساوية من حيث الدلالة اللغوية لأظلم، ولكن (أغطش) تمتاز بدلالة أخرى من وراء حدود اللغة فالكلمة تعبر عن ظلام انتشر فيه الصمت وعمّ الركود وبدت في أنحائه مظاهر الوحشة. ولا يفيد هذا المعنى كلمة (أظلم) إذ هي تعبر عن السواد الحالك ليس غير.
ج- وحينما يصف القرآن الكريم دعوة امرأة العزيز للنسوة- اللائي تحدثن منتقدات عن مراودتها يوسف عن نفسه- إلى جلسة لطيفة في بيتها لتطلعهن فيها على يوسف وجماله فيعذرنها فيما أقدمت عليه، لقد قدمت لهن في ذلك المجلس طعاما ولا شك. ولقد أوضح القرآن هذا، ولكنه لم

اسم الکتاب : مباحث في إعجاز القرآن المؤلف : مصطفى مسلم    الجزء : 1  صفحة : 138
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست