responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : محاضرات في علوم القرآن المؤلف : غانم قدوري الحمد    الجزء : 1  صفحة : 24
ويؤكد هذا الحديث أن للوحي صورتين، لكن يجب ملاحظة تأكيد النبي صلى الله عليه وسلم على وعيه لما يلقيه إليه الملك في كلتا الصورتين، فهو يتلقاه بقلبه وينطبع في عقله، وقد قال الله تعالى: وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195) [الشعراء].
وأما الجانب الظاهر المتعلق بآثار الوحي المحسوسة فقد تحدث عنها الصحابة، رضوان الله عليهم، ونقلوها إلى أجيال الأمة، وأول ما لاحظوا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعاني من التنزيل شدّة، فقد نقل مسلم بن الحجاج في صحيحه عن عبادة بن الصامت أنه قال: «كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذ أنزل عليه كرب لذلك» [1]. وأنه إذا أنزل عليه الوحي أخذته البرحاء- كما روى البخاري [2] - والبرحاء شدّة الحمّى، وهي هنا شدّة الكرب من ثقل الوحي [3]. وقد لاحظ الصحابة تصبب العرق من جبينه، قالت السيدة عائشة، رضي الله عنها: «ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه، وإن جبينه ليتفصّد عرقا» [4].
وكانت تلك الشّدّة المصاحبة للوحي التي تغشى رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتد تأثيرها إلى ما يتصل به أو يلامسه، فها هم الصحابة يشهدون رسول الله صلى الله عليه وسلم يوحى إليه وهو على ناقته، فتغشى الناقة تلك الشدة، كما روى ابن سعد عن أبي أروى الدّوسي، قال: «رأيت الوحي ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم وإنه على راحلته، فترغو وتفتل يديها، حتى أظن أن ذراعها ينقصم، فربما بركت، وربما قامت موتّدة يديها، حتى يسرّى عنه من ثقل الوحي، وأنه ليتحدّر منه مثل الجمان» [5].

[1] صحيح مسلم بشرح النووي 11/ 190، والبيهقي: دلائل النبوة 7/ 54.
[2] ينظر: ابن حجر: فتح الباري 5/ 272.
[3] ابن الأثير: النهاية 1/ 113، وابن منظور: لسان العرب 3/ 233 (برح).
[4] صحيح البخاري 1/ 4.
[5] الطبقات الكبرى 1/ 197، وينظر: البيهقي: دلائل النبوة 7/ 53. وقال الصحابي عبد الله.
اسم الکتاب : محاضرات في علوم القرآن المؤلف : غانم قدوري الحمد    الجزء : 1  صفحة : 24
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست