اسم الکتاب : مدخل إلى تفسير القرآن وعلومه المؤلف : عدنان زرزور الجزء : 1 صفحة : 205
سنان في تعريف الأسجاع إنها «حروف متماثلة في مقاطع الفواصل» قال: «وأظن أن الذي دعاهم إلى تسمية كل ما في القرآن فواصل، ولم يسمّوا ما تماثلت حروفه سجعا: رغبتهم في تنزيه القرآن عن الوصف اللاحق بغيره من الكلام المرويّ عن الكهنة وغيرهم!».
ونحن لا نرى مانعا من تسمية ما تماثلت حروفه سجعا على كل حال.
وإذا كانت الفاصلة في الآية كالقافية في الشعر، فقد رأينا كذلك بعض ما تختلف فيه الفاصلة عن القافية؛ حينما تتقارب الفواصل ولا تتماثل. ولكن القوافي في واقع الأمر فواصل لأنها تفصل آخر الكلام، وخصت فواصل الشعر باسم القوافي لأن الشاعر يقفوها، أي يتّبعها في شعره لا يخرج عنها. قال الزركشي:
«ويمتنع استعمال القافية في كلام الله تعالى لأن الشرع لما سلب عنه اسم الشعر وجب سلب القافية عنه لأنها منه، وخاصة به في الاصطلاح. وكما يمتنع استعمال القافية في القرآن؛ لا تطلق الفاصلة في الشعر لأنها صفة لكتاب الله لا تتعداه» [1].
والأمر البلاغي، أو النقدي، الذي تفترق فيه الفاصلة القرآنية من القافية الشعرية أن من المعيب في الشعر أن تتكرر القافية قبل سبعة أبيات، وليس ذلك بعيب في الفاصلة؛ اقرأ إن شئت قوله تعالى في آخر سورة مريم: وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا (89) تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً (91) وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً (93) لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً (95) [سورة مريم، الآيات 88 - 95] وانظر الآيات الثلاث المتبقية من السورة الكريمة.
ولكن يجب البحث عن سرّ هذا التكرار في سياق الآيات ذاتها التي تكررت [1] البرهان 1/ 58.
اسم الکتاب : مدخل إلى تفسير القرآن وعلومه المؤلف : عدنان زرزور الجزء : 1 صفحة : 205