اسم الکتاب : مدخل إلى تفسير القرآن وعلومه المؤلف : عدنان زرزور الجزء : 1 صفحة : 106
«الرأي الشائع في أن القرآن الكريم كتب في عهد النبيّ- عليه السلام- لا يقبله المستشرقون، لأنه يخالف ما جاء في أحاديث أخرى، أنه قبض صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن في شيء»!
ولا وجه لأدنى خلط بين «كتابة» القرآن في عهد النبيّ الكريم، وما جاء في بعض الآثار الأخرى «أن النبيّ قبض ولم يجمع القرآن في شيء»! أي في شيء خاص به من مصحف أو سجلّ أو كتاب!! فإن كانت هذه العبارة موهمة عنده، أو محتملة في ذاتها!، فإن «جيفري» قد قرأ في الكتاب الذي حققه بيده- وأعني كتاب «مقدمتان في علوم القرآن» - روايات «تصرح» «بكتابة» القرآن على عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم، وبلفظ «الجمع» كذلك، جاء فيها: «أن القرآن كان مجموعا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه ما نزلت آية إلا وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من يكتب له، أن يضعها في موضع كذا من سورة كذا» [1].
لكن الحسن فيما أشار إليه «جيفري» أنه اعتمد في رأيه، أو عدم قبوله لما نقول، على «أحاديث أخرى» أي أنه حصر الخلاف في ميدانه الطبيعي، وهو تحقيق الآثار والأخبار التاريخية، أو فهم هذه الآثار والأخبار، بغض النظر عن مثل هذا الفهم السقيم، ومع الإشارة إلى أن جمهور المستشرقين- كما سنشير في هذا الفصل- يسلّم بصحة نقل القرآن- هذه الوثيقة التاريخية- بعد أن تم حفظه في وقت مبكّر منذ نزوله إلى أن تم توزيع المصاحف على الأمصار الإسلامية في عهد الخليفة الثالث- رضي الله عنه-. يؤكد هذا أن موضوع «حفظ» القرآن في صدور المئات من الحفّاظ لا ينازع فيه أحد.
وقبل أن نبدأ الكلام عن حفظ القرآن الكريم وكتابته في زمن النبيّ صلى الله عليه وسلم، بوصف ذلك أولى خطوات التوثيق ومراحل الجمع، وأول الخطوات الدالة على [1] مقدمتان في علوم القرآن، نشر جيفري ص 27.
اسم الکتاب : مدخل إلى تفسير القرآن وعلومه المؤلف : عدنان زرزور الجزء : 1 صفحة : 106