كيفيّة جمع القرآن وكتابته والأدوار الّتي مرّت على ذلك
أولا- ترتيب القرآن وكتابته في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
استغرق نزول القرآن من الزمن ثلاثة وعشرين عاما، هي جملة العمر الذي تكامل فيه هذا الكتاب العظيم نزولا وترتيبا بين سوره وآياته: روى البخاري عن عائشة وابن عباس أنهما قالا: لبث النبي صلّى الله عليه وسلّم بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن وبالمدينة عشرا [1].
فكيف تم ترتيبه وتنسيقه بهذا الشكل، وهل كان ثمة من يكتب كل ما ينزل منه في عهده صلّى الله عليه وسلّم؟
أما الترتيب والتنسيق فإن الأحاديث الواردة في هذا الشأن تتفق على أن ترتيب الآيات إلى جانب بعضها، حسبما عليه المصحف الآن، إنما هو ترتيب توقيفي، لم يجتهد فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولا أحد من الصحابة في عهده أو من بعده وإنما كان يتلقى ترتيبها إلى جانب بعضها وحيا من عند الله تعالى بواسطة جبريل عليه السلام.
روى أحمد بإسناده عن عثمان بن أبي العاص قال: كنت جالسا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، إذ شخص ببصره ثم صوبه قال: «أتاني جبريل فأمرني أن أضع هذه الآية هذا الموضع من هذه السورة: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى الآية. [1] صحيح البخاري: 6/ 96. ويلاحظ أن عائشة رضي الله عنها أسقطت المدة التي فتر فيها الوحي، وهي في بعض الأقوال ثلاث سنوات، ويقصده هذا الحديث.