الأغراض موزّعة على النصوص القصصية في القرآن بحيث ينفرد كل نص منها بغرض، بل المراد هو اجتماع هذه الأغراض، أو الحكم، التي ذكرناها معا في مختلف النصوص القصصية في كتاب الله تعالى.
فهذا القدر الذي ذكرناه، يكفي في بيان أهداف القصة في القرآن.
منهج القصة في القرآن:
للقصة في القرآن منهج فريد، لا يشبه أي أسلوب من الأساليب المعهودة للقصة.
وهي تتبع في ذلك الأغراض التي سيقت من أجلها، مما عرضنا له آنفا باختصار، فقد تبين لك أن القصة في القرآن ليست عملا فنيا مقصودا لذاته، وإنما هي مسوقة لغرض ديني مهما تنوعت أقسامه وتفرعت أشكاله.
غير أنك قد علمت أن القرآن يتخذ من الجمال الفني أداة لتحقيق هذا الغرض، وما الإعجاز في مجموع مظاهره وأنواعه إلا أداة أيضا لتحقيق المقصد الديني. فإن المتأمل إذا أدرك إعجازه آمن بأنه من عند الله، وإذا آمن بذلك اعتصم به وتمسك بما جاء فيه.
وهكذا، فإن المنهج الذي تسير عليه القصة في القرآن أثر من آثار الغرض الذي سيقت من أجله؛ وهو منهج يقوم- في الوقت نفسه- على أروع مظاهر الجمال الفني والإشراق البياني.
ويمكن أن نلخصها في المظاهر التالية:
المظهر الأول: التكرار. فأنت تجد أن القصة الواحدة قد تكررت في القرآن مرات عديدة، كقصة موسى وفرعون، وكقصة نوح، وقصة خلق آدم.
غير أن هذا ليس تعبيرا دقيقا عن هذه الظاهرة. فالذي يحدث، عند تكرار القصة أكثر من مرة في القرآن، ليس هو التكرار بمعناه المعروف. إنما الذي يحدث هو أن القرآن يتناول من القصة الواحدة في كل مرة جانبا معينا