responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : من روائع القرآن المؤلف : البوطي، محمد سعيد رمضان    الجزء : 1  صفحة : 175
يقوده إلى الشر إنما هو ذاته نفسها، وإذا كان لا بدّ أن هناك مصدر طيرة وشؤم، فإنه على كل حال مصدر متعلق به ولا ينفك عنه.
وإنما أخرج المعنى بهذا المظهر الحسيّ الملموس، ليكون أوقع في النفس وأدلّ على المقصود وليحمل التعبير معنى السخرية بأوهام الجاهلية وسخافتها.
5 - أخبر الله تعالى أنه جعل من الليل والنهار دليلين على وجود الخالق العظيم ووحدانيته، وأنه جعل الليل لتهدأ فيه الرجل ويستريح الإنسان، وجعل النهار مضيئا ليتهيأ فيه السعي والعمل، ولكنه لم يعبّر عن هذا المعنى بهذه الطريقة وإنما قال: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ [1] وإذا قرأت هذه الآية، أسرع خيالك فتصور حيوانين أو شبحين عظيمين أحدهما يظل مطبقا عينيه لا يفتحهما على النور، والآخر يظل فاتحا عينيه لا يطبقهما على ظلام. فأما الأول فيتجسد فيه ظلام الليل وانطواؤه وهدوؤه، والآخر يتجسد فيه ضياء النهار وحركته والتماعه.
6 - أخبر الله تعالى عن كراهية أهل الجاهلية للأنثى إذ تولد في دار أحدهم وبيّن أن الكرب يأخذ من أحدهم كل مأخذ إذا ما أخبر بأنثى قد ولدت له، وأنه يراوده فكرة أن يدفنها في التراب حيّة، ولكنه عبّر عن هذا الشعور النفسي بأسلوب تصويري تسجد له البلاغة في أسمى مظاهرها وألوانها. يقول الله عزّ وجلّ: وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ، يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ، أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ [2].
فقد صوّر تهكم من حوله به بكلمة بُشِّرَ ثم صوّر شدة الكرب الذي انتابه بقوله: ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ، ثم صوّر وقع النبأ

[1] الإسراء: 12.
[2] النحل: 58.
اسم الکتاب : من روائع القرآن المؤلف : البوطي، محمد سعيد رمضان    الجزء : 1  صفحة : 175
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست