تمهيد ثان بتعريف أهمّيّة القرآن في الأدب العربيّ ووجوه ذلك
لعلّ البعض يتساءل عن وجه الحاجة إلى دراسة القرآن، في الأدب العربي، ولعلّه يحسب أن في ذلك خلطا بين الآداب والإسلاميات، لا وجه له ولا ضرورة إليه.
والجواب، أن لهذا الكتاب العظيم أهمية بالغة من جوانب مختلفة متعددة. فإن له جانبا تشريعيا هاما، لا ينفكّ عن الحاجة إلى دراسته كل متطلّع إلى دراسة الفقه والتشريع. وإن له مع ذلك جانبا متعلقا بالعقيدة والفلسفة والأخلاقيات، لا ينفكّ عن الحاجة إلى دراسته كل مقبل إلى دراسة العقائد أو الفلسفة أو الأخلاق، كما أن له مع ذلك جانبا أدبيّا أصيلا بعيد الجذور في تاريخ الأدب العربي، عظيم الأثر في توجيهه وتطويره وتقويمه، فمن أجل ذلك كان لا بدّ لمن أراد العكوف على دراسة العربية وآدابها من أن يعكف على دراسة القرآن وعلومه، وكلما ابتغى مزيدا من التوسع في العلوم العربية وثقافتها، احتاج إلى مزيد من التوسّع في دراساته القرآنية المختلفة.
وإليك ملخصا من وجوه هذه الحاجة وأسبابها:
السبب الأول-
أن هذا الكتاب العربي المبين، هو أول كتاب ظهر في تاريخ اللغة العربية [1] وإنما نشأت حركات التدوين والتأليف بعد ذلك على [1] مضمون هذا الكتاب، كلام الله الأزلي القديم، وهو من هذا الجانب لا يبدأ من تاريخ وليس له ميلاد ظهور أو تدوين، ولكننا نقصد بالكتاب في هذا المجال هذه الكلمات والأحرف والصفحات التي تضبطه وتحدّه والتي ظهرت ودوّنت في حقبة معينة من الزمن.