موضوعات القرآن وطريقة عرضه لها
تدور بحوث القرآن كلها على غرض رئيسي واحد، هو دعوة الناس كلهم إلى أن يكونوا عبيدا لله عزّ وجلّ بالفكر والاختيار كما خلقهم عبيدا له بالجبر والاضطرار [1].
وتلك هي خلاصة ما ينطوي عليه الدين الحق الذي ألزم الله به عباده منذ أن خلق آدم عليه الصلاة والسلام إلى أن بعث خاتم الأنبياء محمدا صلّى الله عليه وسلّم.
وكلّ ما في القرآن من موضوعات، متفرع عن هذا المقصد الرئيسي الأسمى.
إذ كان لا بدّ، لكي يدين الناس بالعبودية لله وحده من أن يطّلعوا على دلائل وجوده ووحدانيته وأن يستيقنوا قيام الناس لرب العالمين من بعد الموت، وأن الذي ينتظرهم إذ ذاك إما سعادة عظيمة في جنات الخلد أو شقاء وبيل في نار تتلظى. فكان لا بدّ من أن يعرض القرآن لموضوع العقيدة وكلياتها، وضرورة إيمان كل إنسان عاقل لها.
فهذا هو الموضوع الأول، وطريقة عرض القرآن له تقرير كليات العقيدة التي لا بدّ من الاعتقاد بها، من وحدانية الله عزّ وجلّ وبعث الناس بأرواحهم وأجسادهم يوم القيامة، والحساب والصراط والجنة والنار وما إلى ذلك، ثم عرض الأدلة على هذه الكليات، وأهمها وجود الله ووحدانيته بأسلوب يشترك في [1] انظر ص 120 من هذا الكتاب.