responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 99
فأما عدم اتفاقه مع العقل: فلأن المحال أن يعرف موسى طبيعة البلاد المصرية أكثر مما يعرفها فرعون وقومه وقادة جيشه ومهندسوه والطبوغرافيون، ولا سيّما فى ظاهرة متكرّرة ملموسة كظاهرة المدّ والجزر.
وأما عدم اتفاقه مع النقل: فلأنّ القرآن الكريم والسنة النبوية صرّحت أوضح تصريح:
بأنّ موسى ضرب البحر بعصاه، وبأنّ الماء تفرّق وانحسر إلى طرق عدّة سلكها موسى وقومه، وأراد فرعون اتّباعه فغرق وهلك، وما ذلك على الله بعزيز.
وبعد شهور من هذه المقابلة قرأنا تفسير" وادى النمل" ورأينا عالما كبيرا ومؤرّخا شهيرا يعتزّ بالعروبة والإسلام، يقول: إنّ وادى النمل: وادى المستضعفين من سكان فلسطين وما إليها، وأن النملة التى أمرت قومها بدخول مساكنهم، لا يحطمنهم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون: رجل من هؤلاء القوم. وقد نسى هذا العالم الكبير سياق الآية كله، واقتطع منه هذه الكلمة يذهب بها فى أودية التأويل كلّ مذهب! إنّ الله تبارك وتعالى يقول: وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15) وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ
ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها وَقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ
[النمل: 15 - 19].
هذا هو سياق الآيات التى يمتن الله فيها على داود وسليمان بأنه فضّلهما على كثير من عباده المؤمنين من تعلم منطق الطير والإتيان من كل شىء، وتجنيد الجن والإنس والطير، وفى آيات أخرى امتنّ عليهما بإلانة الحديد، وسيلان عين القطر، وتأويب الجبال مع داود يسبحن والطير.
فإذا كان حضرة العالم الكبير لا يستسيغ عقله أن سليمان فهم قول النملة لبنى جنسها على أنها نملة حقيقية، فليخبرنا حضرته بموقف عقله أمام فهم سليمان لمنطق

اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 99
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست