responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 95
الغرض من ذلك الهداية والعظة والعبرة، وتقرير قواعد هذه الهداية فى النفوس بذكر هذه القصص وعرض وقائعها أمام السامعين والقارئين، والقرآن الكريم يصرح بهذا فى وضوح فيقول: لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [يوسف: 111].
ومن المقطوع به كذلك عند كل مسلم أنّ كل ما ذكره القرآن فى هذه الناحية حقّ لا شك فيه، وأنّ علم التاريخ الاصطلاحى لا يمكن أن يأتى بحقيقة تخالف ما جاء فى قصة من القصص التى ذكرها القرآن الكريم، نعم إنه قد يعجز عن أن يصل بوسائله الفنية المجردة إلى بعض ما ذكره القرآن الكريم، فيكون ما ذكره القرآن الكريم زائدا عن علم التاريخ المجرد، وقد يعجز التاريخ المجرد عن أن يجد الدليل بأسلوبه الخاص على ما ورد فى القرآن الكريم. ولكن يجب أن يلاحظ: أنّ عجز علم التاريخ عن المعرفة أو الاستدلال ليس معناه عدم صحة ما جاء فى القرآن، فليس انتفاء العلم بالشىء دليلا على عدم وجوده.
وهنا المزلق. فالمؤرخون قسمان: قسم لا يؤمن بالقرآن الكريم ولا يتخذ وحيه دينا.
وهذا يقول: إنّ القرآن لا يصح أن يكون- عنده- كتابا تاريخيّا يعتمد عليه فى بحوثه الفنية المجردة عن أىّ اعتبار آخر، وهو معذور فى هذا القول، ولا ينتظر منه غيره، لأنه لم يلتزم التصديق والإيمان بالقرآن من قبل، وقسم آمن بالقرآن وقام عنده الدليل على صدقه. وعليه حينئذ واجبان: أولهما: أن يكون أصدق الأدلة التاريخية عنده، وأثبتها ما جاء فى القرآن عن الأمم والعصور التى أرخ لها أو تناولتها آياته، وثانيهما: أن يرد عنه تكذيب الصنف الأول إن حاولوا ذلك أو أرادوه، وأن يقيم لهم الدليل على خطئهم بالأسلوب التاريخى الفنى، ولن يعجزه ذلك متى أراده.
ولكن بعض الباحثين من هذا القسم يحلو له أن يتشبّه بأولئك. فيجرد من شخصيته المؤمنة بالقرآن شخصية أخرى يدّعى أنها تاريخية بحتة لا تهتم بأى اعتبار آخر، ثم يمضى فى بحثه متقمّصا هذه الشخصية الجديدة، وينسى تماما شخصيته الأولى، فيزل ويهوى، ولو عاد فذكر شخصيته المؤمنة، وعقب على بحثه المجرد بما يفيد إيمانه بصدد هذا التاريخ القرآنى، ثم ناضل عن ذلك ودعمه بالأسلوب العلمى لقام ذلك عذرا له أمام إيمانه أولا، وأمام الناس بعد ذلك ولاستحق الشكر والثناء.
زلّ الدكتور طه حسين بك فى هذا المزلق حين انتحل من قبل ما قاله أحد

اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 95
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست