اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 74
وسائل المحافظة على القرآن الكريم (1)
القرآن الكريم هو مصدر الهداية الإسلامية، وأصل الشريعة المحمدية، وأساس دين الإسلام ومادته. منه يأخذ المجتهدون، وعليه يعوّل المتشرعون والمستنبطون. لا علم لهم إلا ما علمهم إيّاه، ولا حكم إلا ما أرشدهم إليه، ولا عقيدة إلا ما ينص عليها. فهو للمسلمين قاموس علمهم، وقانون تشريعهم، ومحرر عقائدهم وعباداتهم؛ ودستور آدابهم ومعاملاتهم، ومرشد أئمتهم وحكوماتهم، والمعجزة الخالدة لنبيهم، ومركز جامعتهم؛ ومؤسس وحدتهم، حول لوائه يلتفون، وعند أخوته يلتقون، وبتلاوته يتعبدون فهو الكتاب الجامع، والنافع الشافع، والحكم العدل، والقول الفصل لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت: 42]. وما السنة إلا متمّمته، وما العلوم اللسانية واللغوية، نقليّها وعقليّها إلا خادمته، لأجله وجدت؛ ولكشف عجائبه وضعت، ولحفظه والمنافحة عنه وبيان وجوه إعجازه دوّنت. وما عرفت فى الدنيا أمة عنيت بكتابها عناية المسلمين بكتاب ربهم وسنة نبيهم.
اهتمام المسلمين بدراسة القرآن فى كل أدوار حياتهم:
أجل، اهتمّ المسلمون فى جميع أقطار الأرض بكتاب الله، وقدروه حقّ قدره، وجعلوه أهم مواد دراستهم، وأفسحوا له المجال فى مناهج تعليمهم، بل جعلوه المحور والأساس فيها، واستغنوا به عن غيره، ولم يستغنوا بغيره عنه، فالعالم الفاضل فيهم من كان له فى حفظه وتفهّم معانيه والدراية بأحكامه الحظ الوافر. واهتمّوا لذلك حتى كان الغلام فى كثير من الأعصار يحفظه ويجوّده وما جاوزت سنه العاشرة.
وهم- وإن كان من شيوخ المربين فيهم من رأى تأخير وقت حفظه كأبى بكر بن العربى وابن خلدون- فقد اتفقت كلمتهم على أن الطالب لا يتم حياته المدرسية، ولا
(1) نشرت فى مجلة (الفتح) فى العدد (234) من السنة الخامسة فى يوم الخميس الموافق 26 من شعبان سنة 1349 هـ. وقد قدم الأستاذ محب الدين الخطيب رئيس تحرير المجلة وصاحبها مقال الإمام الشهيد بهذه العبارة: رفع صديقنا الأستاذ حسن أفندى أحمد البنا مذكّرة إلى وزارة المعارف ومشيخة الأزهر وجمعيات المحافظة على القرآن، وكل من توسّم فيهم التشجيع على تحقيق الوسائل المذكورة فيها. وهى مكتوبة بقلم العالم الخبير لذلك عنينا بنشرها.
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 74