responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 69
أم أكتب لهم الآيات والأحاديث الفقهية، وهم لم يبلغوا بعد درجة الاجتهاد، ولا يجدون من أوقاتهم ما يساعدهم على الاستنباط والفهم، فلا يستفيدون شيئا، ويسيحون فى فوضى من الأفهام لا ضابط لها؟
أم أقفى على هذه الآيات والأحاديث بما أفهمه منها فيكون مذهبا خاصا، والحال أنّى لو كلّفت نقل جبل من أقصى الأرض إلى أقصاها لكان أهون عندى من تحمّل هذه التبعة
ولست لها بأهل؟
الحق أن هذه مشكلة وقفت أمامها طويلا، ولا شك أنك تقف نفس هذا الموقف إذا حاولت الكتابة فى الفقه كتابة تقصد بها تعليم الأمة وإفادتها، كما أنك تقف هذا الموقف نفسه إذا حاولت تدريس الفقه فى جمع من الناس فيه العامى وفيه المستنير، وتمرّ أمامك هذه النظرات سراعا فلا تدرى بأيّها تأخذ، وعلى أىّ طريق من طرقها تسير.
ولا شك أن لهذه الحيرة أثرها فى جهل العامة بأحكام عبادتهم كما هو مشاهد ملموس. وهذه وزارة الأوقاف قد خاضت لجنتها غمار هذه المعمعة، وحاولت الوصول إلى حلّ لهذه المشكلة، وانتهت إلى إخراج كتاب الفقه فى المذاهب الأربعة فى العبادات، وبذلت فيه مجهودا مشكورا، إلا أنها لم تزد على أن جمعت الأقوال المختلفة فى مسائل العبادات على ترتيب لا يصل إلى الأحكام معه إلا أولوا العلم فلم تفد العامة بشيء، فهو مرجع أكثر منه كتابا يدرس ويتعلّم الناس منه.
وقفت أمام هذه المشكلة طويلا كما ذكرت لك، وبعد لأى [1] رأيت وسيلة للخروج من هذا المأزق أذكرها لك لا على أنها فصل الخطاب، بل على أنها ما أفاضه الله على ذهنى، وألهمنى أن أسير عليه أنست فيها الفائدة، فإن أفاض الله عليك خيرا منها فأمدنى بما أفاض الله عليك، حتى نتعاون معا على تذليل هذه العقبات، وتعبيد [2] طريق دراسة الفقه الإسلامى، فإن الأمر أكبر من أن يستقلّ به واحد.
هذه الوسيلة هى أن تكون الكتابة على درجات ثلاث:
الدرجة الأولى: الكتابة للعامة، وفيها نورد الكيفيات والأحكام المجمع عليها بين أئمة

[1] اللأى: الجهد والمشقة. انظر: مختار الصحاح ص 588، ولسان العرب (15/ 237).
[2] التعبيد: أى التذليل. وهى هنا بمعنى التيسير. انظر: لسان العرب (3/ 274) مختار الصحاح ص 408.
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 69
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست