اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 544
نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ [المائدة: 52].
والجواب: أنها بين الإخوان المسلمين الذين رأوا منذ عشرين سنة انحراف العالم كله عن جادّة الصواب، وضلاله فى مسالك النظم الاجتماعية الفاسدة، وإهماله لهذا النظام الربانى الكريم والصّراط المستقيم، كما رأوا كذلك نسيان أهل القرآن أنفسهم والمنتسبين إليه من أبناء الأمة الإسلامية لما فيه من روائع الحكم والأحكام، وكمال القواعد والأصول، ودقّة الفروع، وحسن النظام: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها [إبراهيم: 24، 25].
وانصرافهم عنه إلى مبادئ ودعوات لم يعرفوها، ونظم وأحكام لم يألفوها، جرّت عليهم الخيبة والفساد فى الدنيا، وسيكون جزاؤها الندم والعذاب فى الآخرة. فقاموا من هذا التاريخ يهتفون" القرآن دستورنا" ويطالبون فى إلحاح بأن يكون للقرآن أمته الواعية، ودولته العاملة، تنفّذه الأولى، وتحققه وتحميه الثانية وتنشره، حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله.
المعركة بين هؤلاء وبين أولئك الصنفين: الذين لا يؤمنون به على اختلاف أممهم ودولهم وعقائدهم ليؤمنوا. والذين آمنوا به على اختلاف طوائفهم وهيئاتهم وأحزابهم ومذاهبهم ليتذكّروا فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ [ق: 45].
وقيل: وعلى أى أساس تدور؟
والجواب: أنها تدور بالحكمة والموعظة الحسنة، والبيان الصريح الكافى، والدعوة الواضحة المشرقة على أساس النصوص القرآنية المحكمة القاطعة التى لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت: 42].
ولن تدع الخصوم يفلتون من ثنايا وجوه التأويل والتفسير، أو يفرّون من أبواب النقاش والجدل العقيم، بل سنوقفهم أمام النص المحكم وجها لوجه، فلا يستطيعون منه فرارا أو إفلاتا، فإما عناد أو تسليم: لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ [الأنفال: 42].
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 544