responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 522
تراهم مرة يقترحون عليه أن يرجع بهم إلى عبادة الأوثان فيقولون: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، وتارة يأبون أن يؤمنوا حتى يروا الله جهرة، وتارة ينقلبون بعد إيمانهم كفارا يعبدون عجل السامرى، وتارة يرمونه بالزّور والبهتان وهجر القول؛ حتى برأه الله من إفكهم بعد أن ينال الأذى من نفسه، فتسمع منه كلمة العاتب الأسيف: يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ [الصف: 5].
وكانت خاتمة المطاف: أن جبنوا عن دخول بلدهم واستعادة وطنهم واستنقاذ أرضهم من أيدى الغاصبين المخرّبين المدمرين، مع أن الله وعدهم النصر وكفل لهم التأييد، ولكنهم أصرّوا على موقفهم وقالوا: يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ [المائدة: 24]، ففرّق الله بينهم وبينه، وكتب عليهم الفتنة، وخرج موسى من الدنيا وهو كظيم على هذه الأمة الرعديدة يتطلع إلى أرض الميعاد من جبل، ولا يجد من هؤلاء الجبناء من ينهض بحق الوطن.
ذلك موقف اليهود من نبيهم، وأما موقفهم من المسيح عليه السلام، وإنه الصدّيق، فموقف الجحود والإنكار، والتحدّى الصارخ، والتجربة تلو التجربة، والدسيسة بعد الدسيسة، تارة بينه وبين الشعب، وأخرى بينه وبين الحكومة، حتى انتهت المكايد بأن رفعه الله إليه، وأحبط أعمالهم، وردّ فى نحورهم كيدهم، وسجّل الخزى عليهم: فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (155) وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً (156) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ [النساء: 155 - 157].
حتى إذا بعث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وقد كانوا يؤمنون به قبل بعثه، ويبشّرون الناس بنبوّته، ويستفتحون به على الذين كفروا، ويعرفونه كما يعرفون أبناءهم، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به، وكانوا مثال النفاق والإرجاف حتى أذلهم الله، وأرغم معاطسهم [1]، وأخرجهم من جوار نبيه، يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدى المؤمنين فاعتبروا يا أولى الأبصار.

[1] المعاطس: أى الأنوف، وهى جمع: معطس أى أنف. انظر: مختار الصحاح ص 439، والقاموس المحيط ص 720، ولسان العرب (6/ 142).
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 522
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست