responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 506
وإنما هو داء وبيل، وخلق ضعيف، فهم يجرون على غرار طبيعتهم، ويسيرون وفق غريزتهم، جبلوا على الشر، وطبعوا على الأذى، وويل لمن جعله مفتاحا للشرّ، مغلاقا للخير.
ووصفهم بأنهم يحلفون على الكذب، مع علمهم بأنهم كاذبون عن غير خطأ أو نسيان؛ إنما هو جبن وخور يحملهم على التنصّل من تبعة ما ارتكبوا وعدم الثبات على ما قالوا، فهم قد جمعوا إلى خيانة النقل وتحريف القول كذب اليمين، وفقدان الشجاعة الأدبية، والهروب من التبعة، ووصفهم بأنهم يتخذون هذه الأيمان الكاذبة وقاية من الجزاء العاجل، وحاضرا دون احتمال العقوبة الحاضرة، وهم بذلك يصدون عن سبيل الله، ويحاربون الله ورسوله، إذ حسبوا أن هذه الأيمان تنجيهم من عذاب الله؛ كأنهم لما وجدوا سبيل الهرب وستر أعمالهم وفهموا أن هذه الأيمان تصلح لذلك، اندفعوا فى طريق الصدّ عن سبيل الله، والعدوان على نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم.
ووصفهم بتأصّل هذه الخصال فى نفوسهم، حتى إنهم يوم القيامة يحاولون أن يخدعوا ربهم فى الآخرة، وهى دار الحق بما كانوا يحاولون أن يدفعوا بهم عن أنفسهم فى دار الدنيا، فيحلفون بالباطل كما كانوا يحلفون للرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ونسوا أن الآخرة دار الحساب ودار كشف المخبّئات، وإظهار السيئات والحسنات، يوم تبلى السرائر فتجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء، تود لو بينها وبينه أمدا بعيدا، فاعجب لخادع يخدع نفسه.
ثم ذكر الحق تبارك وتعالى أن هؤلاء إنما حلّ بهم هذا الوبال من طريق واحد، هو أنهم أسلموا للشيطان قلوبهم، ومكنوه من نفوسهم فاستولى عليهم، وتخلل مسالك أرواحهم، وتمكن من أفئدتهم فكانوا حزبه وشيعته، فزين لهم بالباطل وحسّن لهم القبائح وحال بينهم وبين التفكير فى رقابة الحق عليهم، والتفكير فى آياته بين يديهم، وليس للقلب إلا وجهة واحدة فإذا مكنت فيه للشيطان هجره ذكر الرحمن، وإذا ملأته بمعرفة الرحمن فارقته لمّة الشيطان، فالأولون ينطبق عليهم قول الحق تبارك وتعالى:
وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ [الزخرف: 36]، والآخرون ينطبق عليهم قوله تعالى: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا [الإسراء: 65].

اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 506
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست