اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 490
السابقة بعد أن بيّن أن سرّ ذلك الانتقام هو الانحراف عن دين الله، وإهمال شريعته، والمخالفة عن أمره، مما يؤدى إلى غضب الله تبارك وتعالى وحلول اللعنة على هذه
الأمة، كما قال تعالى: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ (78) كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ [المائدة: 78، 79]، وكما قال تعالى: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ [النحل: 112].
فإذا فاءت هذه الأمم إلى ربها ورجعت إلى دينها، أدال [1] الله لها من أعدائها ورد عليها عزتها، وأزال عنها آلامها وأوصابها [2]، كما قال تعالى: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً (10) يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً [نوح: 10 - 12] بعد أن قال تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ [الأعراف: 96].
ب- بيان أن انتقام الحق تبارك وتعالى ممن يعصونه ويحادونه ليس قاصرا على الدنيا، ولكن الحق تبارك وتعالى يحصيه عليهم، ويبعثهم يوم القيامة فيخبرهم بأعمالهم ويحاسبهم عليها، ويعذبهم بها عذابا شديدا مهينا، ويذكرهم بما كان من أعمالهم، والحق تبارك وتعالى منزّه عن الغفلة والنسيان، وفى الحديث الشريف:" البرّ لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديّان لا يموت، كما تدين تدان" [3]. [1] أى أعاد الله لها الكرّة على عدوها بالنصر، أو: أمكنها الله من الغلبة من عدوها. [2] أوصاب: جمع وصب، والوصب هو: الوجع والمرض. انظر: لسان العرب مادة (وصب). [3] قال الإمام العجلونى فى تخريجه: رواه أبو نعيم والديلمى عن ابن عمر رفعه. وأورده ابن عدى أيضا فى الكامل، وفى سنده ضعيف، وقال فى اللئالئ: رواه البيهقى فى كتاب الزهد والأسماء والصفات عن أبى قلابة. ثم قال: هذا مرسل. ورواه ابن عدى فى الكامل من حديث محمد بن عبد الملك الأنصارى المدنى عن ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم، ثم ضعف محمد بن عبد الملك. وأخرجه عبد الرزاق فى جامعه عن أبى قلابة رفعه مرسلا (20262)، ووصله أحمد فى الزهد، لكن جعله من قول أبى الدرداء، ولابن أبى عاصم فى السنة بسند فيه وضاع عن أنس فى حديث أنه قال: يا موسى كما تدين تدان. وفى الحلية عن يحيى بن أبى عمرو الشيبانى أنه قال: مكتوب فى التوراة: كما تدين تدان وبالكأس الذى تسقى به تشرب. وفى التنزيل (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ). انظر: كشف الخفاء للعجلونى (2/ 126). ورواه ابن أبى شيبة (8/ 167) والبيهقى فى" الشعب" (10664) عن أبى الدرداء موقوفا. وضعفه الألبانى فى «ضعيف الجامع الصغير" برقم (2369) وفى السلسلة الضعيفة برقم (1576). وهو من أمثال العرب، انظر: مجمع الأمثال (2/ 132). وقد ذكره الإمام البنا من قبل عند تفسيره لقوله تعالى: (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) من سورة الفاتحة بدون نسبته للنبى صلى الله عليه وسلم، ولكنه هنا ذكره على أنه حديث.
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 490