responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 478
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فى أبى بكر ما معناه:" إن من أمنّ الناس علىّ فى صحبته [1] وماله أبو بكر، وما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت له كبوة إلا أبا بكر بن أبى قحافة" أفتدرى ما موقف أبى بكر من هذا الإطراء؟ إنه كان يبكى ويقول: بأبى وأمى يا رسول الله، وهل أنفسنا وأموالنا إلا ملك يمينك؟! [2] ولقد قال النبى صلى الله عليه وسلم للأنصار يوم حنين:" يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلّالا فهداكم الله بى، وكنتم متفرّقين فألفكم الله بى، وكنتم عالة فأغناكم الله بى" وكلما قال شيئا قال الأنصار: الله ورسوله أمنّ [3].
وهؤلاء هم الذين آووا ونصروا وآثروا على أنفسهم، ولو كان بهم خصاصة، وخلّد الله ذكرهم فى كتابه الكريم، أفبعد هذا يكون لأحد منّة؟! وأنت إذا حقّقت النظر وجدت أنك أنت نفسك لا شىء لك، وكلك لله يتصرّف فيك، ألست عبده وهو سيدك؟ وأ ليس له سبحانه حق التصرّف المطلق فى ملكه ما شاء يفعل؟ فهو اختارك لتكون مؤمنا به، داعيا لدينه، مثابا على دعوته، وتأمل قوله تعالى:
وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً [الحجرات: 7، 8] أفترى لنفسك فى هذا شيئا؟! ويقول العارف [4]: حسبك من ثوابك على الطاعة أن رضيك مولاك لها أهلا وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ [القصص: 68]، فهذا الذى ذكرت لك من علامات الإيمان الصادق.
أما ضعيف الإيمان: فهو خائر العقيدة، واهن اليقين، يتسرّب الشك إلى نفسه فى نفسه، فيظن أن صورة ذلك منطبقة فى خارجه يراها الناس جميعا، فيلمزونه بالقول، ويغمزونه فى دينه وإيمانه، فهو لهذا يريد أن يعزز بالتحدث عن نفسه ما يشعر به من

[1] كتبها الإمام البنا فى المقال:" نفسه" والتصويب من نص الحديث، وقد بين الإمام أنه ذكر الحديث بمعناه لا بلفظه.
[2] رواه البخارى (3654) ومسلم (2382) والترمذى (3660) عن أبى سعيد الخدرى.
[3] رواه البخارى (4330) ومسلم (1061) عن عبد الله بن زيد بن عاصم رضي الله عنه.
[4] من حكم ابن عطاء الله السكندرى.
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 478
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست