اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 47
يكن مقتنعا بادئ الأمر، ولكنه بعد ذلك اقتنع به، يروى لنا الأستاذ محمود عبد الحليم- وهو رجل من الرعيل الأول فى دعوة البنا- قصة علاج البنا بالقرآن فيقول:
«حدّثنى مرة (أى الإمام البنا) أنه قرأ فى كتاب- سماه لى وقتها ولكنى أنسيت اسمه الآن- أن رجلا جاء إلى الإمام أحمد بن حنبل، وشكا له أن أخاه تنتابه حالة يفقد فيها وعيه، ويمزّق ملابسه، ويهاجم من حوله، ويريد أن يفتك بأقرب الناس إليه، وقال:
إنه عرضه على الأطباء حتى يئسوا منه، ولا يدرون ماذا يفعلون؟ وكان الإمام أحمد بالمسجد، فقال للرجل: أحضر أخاك وهو فى هذا الحال، فلما أحضره أمره أن يرقده، ثم أخذ الإمام يقرأ القرآن، حتى سمع الجميع صوتا منبعثا من جسم الرجل المريض يستغيث بالإمام، ويقول له: حسبك وسأفعل ما تريد. فقال له الإمام: دع هذا الرجل واخرج من إصبع قدمه. قال الصوت: سمعا وطاعة. وخرج من إصبع قدم الرجل، وإذا بالمريض يستيقظ كأنما حلّ من عقال، وكأن لم يكن مصابا من قبل.
قال لى الأستاذ: وقد شغلتنى هذه القصة، وكنت أتأهّب- حسب جدول زياراتى- لزيارة إخوان السويس. وركبت القطار، وظللت طيلة الطريق أفكّر فى هذه القصة، وأتعجّب لما فيها وأقول: أهو سرّ الإمام أحمد، أم هو سرّ القرآن، أم أن القصة فيها مبالغة؟ .. ولم تزل هذه الأفكار تراودنى حتى وصل القطار محطة السويس، ونزلت من
القطار، فوجدت الإخوان متجمّعين فى انتظارى فعانقتهم، ولاحظت أن واحدا منهم كان يقف وحده بعيدا، فقربت منه، فرأيت على وجهه أثر الحزن؛ فتركت الإخوان، وانتحيت به جانبا، وسألته عما يحزنه؟ فقال لى: إن الذى يحزننى أمر خطير، وإننى قد ضقت ذرعا بالحياة، وسدّت أمامى الطرق، وأحاط بى اليأس من كل جانب ... إن زوجتى امرأة صالحة مطيعة، ولى منها أبناء صغار، وقد اعترضها منذ عام مرض ينتابها بين الحين والحين؛ تفقد فيه رشدها، وتتحوّل إلى وحش كاسر؛ إذا استطاعت الوصول إلى أى منا حاولت قتله، وتحطم كل شىء أمامها ... وقد عرضتها على الأطباء هنا وفى القاهرة حتى يئسوا ... وقد انتابها المرض اليوم، ولما كنت أعلم بقدومك اليوم أدخلتها حجرة أغلقتها عليها، وجئت أنتظرك لأعرض عليك مصيبتى لعلك تعيننى فيها.
يقول الأستاذ لى: فابتسمت، والأخ لا يعلم لم أبتسم ... وتذكرت قول إبراهيم
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 47