responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 459
وسأله طعاما، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:" انطلق إلى أسامة بن زيد وقل له: إن كان عنده فضل من طعام وإدام فليعطك"، وكان أسامة خازن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى رحله، فأتاه فقال: ما عندى شىء. فرجع سلمان إليهما وأخبرهما، فقالا: كان عند أسامة طعام ولكن بخل، فبعثا سلمان إلى طائفة من الصحابة فلم يجد عندهم شيئا، فلما رجع قالا:
لو بعثناك إلى بئر سميحة [1] لغار ماؤها، ثم انطلقا يتجسّسان هل عند أسامة ما أمر لهما به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما جاءا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهما:" ما لى أرى خضرة اللحم فى أفواهكما؟! " قالا: والله يا رسول الله ما تناولنا فى يومنا هذا لحما. قال:" بل ظللتم تأكلون لحم سلمان وأسامة. فأنزل الله عز وجل: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ) [2] الآية.

[شرح الآية]
أمر الله المؤمنين فى هذه الآية أن يبتعدوا عن خصال ثلاث: كثير من الظن، والتجسّس، والغيبة [3]، وإنما نهاهم عن هذه الثلاث لأنها موجبة للفرقة والبغضاء، جالبة للكراهية والعداء، قاطعة لأخوة الإيمان، ورابطة الحب الإسلامى، وكثيرا ما تكون غير حقيقية فيندم صاحبها بعد أن يكون قد قضى الأمر، وسبق السّيف العذل [4].
قد تقابل أخاك فتراه كئيبا فتظنّ أنه إنما اكتأب لرؤيتك، وقطّب للقائك، وأظهر هذا النفور إيذاء لك، وتبنى على هذا عملا وهو أن تقاطع هذا الأخ وتبتعد عنه، ثم يتبيّن لك بعد ذلك فساد الظن، وأنه إنما كان كذلك لأنه وقع له حادث جلل، كفقد عزيز، أو خسارة مال، أو مهمّة من مهمات شأنه أظهرته بالمظهر الذى ظننته نفورا منه ووحشة، فتندم وتتألم.

[1] أى: مملوءة بالماء.
[2] انظر: تفسير البغوى (7/ 344، 345)، وذكره الزمخشرى فى الكشاف (4/ 374) وقال ابن حجر فى تخريجه: ذكره الثعلبى وربيعة بغير سند ولا راو. وفى" الترغيب" لأبى القاسم الأصبهانى من طريق حماد ابن سلمة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبى ليلى بنحوه.
[3] الغيبة بكسر الغين: هى ذكرك أخاك بما يكره. ومن الخطأ اللغوى الشائع الذى يقع فيه عدد من الناس نطق كلمة (الغيبة) بالفتح، والتى معناها: البعد والتوارى. انظر: المعجم الوسيط (2/ 667).
[4] مثل قاله ضبة بن أد لما لامه الناس على قتله قاتل ابنه فى الحرم، انظر: مجمع الامثال (1/ 461). وهو مثل يقال عند ما يريد الإنسان الرجوع عن أمر، ويكون قد وصل الأمر إلى مرحلة لا رجوع فيها، ولا يملك فيها الرجوع.
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 459
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست