اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 457
يستهين أحدهم بأخيه فيهزأ منه، ثم يلمزه ويعيبه، ثم يناديه بلقب يكرهه، فتتولّد من ذلك كراهية وبغضاء، لهذا أدب الله المؤمنين بترك هذه الخصال، وسدّ هذا الباب حتى تظلّ وحدتهم سليمة، وكلمتهم مجتمعة.
واعلم- يا أخى- أن الألقاب المستقبحة إذا جرت مجرى الأعلام، ولم يكن صاحبها يتأذّى بها لاستملاحها: فإن نداءه بها لا يكون نبزا، كما يقال: سليمان الأعمش، وواصل الأحدب، وهكذا. وقد قال ابن مسعود لعلقمة: تقول أنت ذلك يا أعور [1].
والفضل على كل حال: أن يخاطب الإنسان الناس بأحب أسمائهم إليهم، حتى يعوّد لسانه الطيب من القول.
ثم إن كان من خلق أحد فى الماضى فعليه أن يتوب ويستقبل عهدا جديدا، ويتحلّل من ذلك باستسماحهم وطلب الصفح منهم، إن لم ينجم عن ذلك شرّ يخشى تطايره [2]، فإن خشى الشرّ: أقبل على الدعاء لهم، والندم على ما كان منه والاستغفار، حتى يمن الله عليه بالتوبة الصادقة والنصوح، وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ [الشورى: 25]. [1] فات الإمام البنا رحمه الله أن يذكر ما يدل على ذلك من السنة النبوية، فقد ورد فى السنة النبوية ما يدل على جواز تلقيب المسلم لأخيه المسلم بما لا يكره، كقوله لعلىّ رضي الله عنه:" يا أبا تراب" رواه البخارى (6280) ومسلم (2409) والترمذى (3724) وابن حبان (6925) والطبرانى فى" الكبير" (6/ 167) عن سهل بن سعد رضي الله عنه، ورواه أحمد (5/ 326) والنسائى فى" الكبرى" (8538) والحاكم (3/ 151) عن عمار بن ياسر رضي الله عنهما. وقوله لأنس بن مالك:" يا ذا اليدين" رواه أحمد (3/ 580) والترمذى (1992) وقال: صحيح غريب، وأبو داود (5002) عن أنس رضي الله عنه. [2] كأن يكون من اغتابه من أهل الشر، أو ممن لا يحمدون له هذا الخلق، ويؤدى ذلك إلى إيذائه، عندئذ يكون الاستغفار له والدعاء أفضل من استسماحه، وكأن يكون الاغتياب لأهل بلد كاملة، وهذا يتعذر أن يستطيب أهل البلد جميعا، عندئذ يستغفر لهم أيضا.
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 457