responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 398
فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (32) قالَ إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شاءَ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ [هود: 32، 33].
كما حكى عن كفار قريش فى كثير من الآيات فى سورة الأنفال: وَإِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ [الآية:
32]، وقد سبق الكلام عليها فى الجزء التاسع من هذا التفسير، وجاء قبل ذلك فى سور كثيرة: وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (53) يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ [العنكبوت: 53، 54]، وفى سورة يونس: وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [1] [يونس: 48]، الآيات من 49 إلى 55 وقد تقدم الكلام عليها فى الجزء الحادى عشر فليراجع [2].
وهذا الخلق غريب حقا فى الإنسان، فإن مقتضى العقل السليم الذى يتجلى به هذا الجنس البشرى: أن يطلب الهداية والعافية بدلا من العذاب والنقمة، وما أظرف رد السبئى الذى خاطبه معاوية بقوله: «ما أجهل قومك حين ملكوا عليهم امرأة» فقال:
«أجهل من قومى قومك حين قالوا: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء، ولم يقولوا: فاهدنا له!» [3].
ولعل السر فى ذلك: أن الإنسان مفطور على نوع من التعالى والكبرياء يجعل قبوله للحق أمرا شديدا على نفسه، لا يستطيعه إلا من ألهمه الله الرشد وهداه سواء السبيل، وقد سبق فى الجزء الأول من هذا التفسير إشارة لطيفة إلى هذا المعنى فقد جاء هناك ما نصه: «إن كل قوة من قوى هذه الأرض، وكل ناموس من نواميس الطبيعة فيها خلق خاضعا للإنسان، وخلق الإنسان مستعدا لتسخيره ولمنفعته، إلا قوة الإغراء بالشر، وناموس الوسوسة بالإغواء الذى يجذب الإنسان دائما إلى شر طباع الحيوان، ويعيقه عن

[1] ورد قوله تعالى: وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فى ستة مواضع من القرآن الكريم: فى سورة يونس: 48، وسورة الأنبياء: 38، وسورة النمل: 71، وسورة سبأ: 29، وسورة يس: 48، وسورة الملك: 25.
[2] انظر: تفسير المنا، ط دار الكتب العلمية، بيروت 329.
[3] انظر: الكشاف للزمخشرى (2/ 217).
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 398
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست