responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 389
[علة جحود منكرى البعث]
ثم وضحت الآية الكريمة سر ذلك الجحود وسببه فقال تبارك وتعالى: (أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ)، فالسبب الأول لجحودهم البعث: هو كفرهم بالله تبارك وتعالى، وعدم تقديرهم لعظمته وجليل قدرته، فلو علموا أن قدرته تبارك وتعالى فوق التقيد بالأسباب والوسائط العادية، وأنه ما شاء فعل إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس: 82] لهان عليهم الخطب، ولوجدوا أن هذا المعاد أمر داخل فى حيز القدرة لا غرابة له ولا مشقة وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (25) وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ [الروم: 25 - 26]، ولكنهم لما كفروا بالله، وظنوا عدم القدرة، أو عدم كمالها، أو إنكار العلم، أو إنكار كماله، أو إنكار الصدق، إلى غير ذلك من صفات الكمال التى يتصف بها البارى جل وعلا، لما كانت عقيدتهم فى ربهم هكذا: صعب عليهم أن يتصوروا سهولة الإعادة بعد الموت.
(وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ) وسبب آخر: هو الجمود الذى استولى عليهم، فلم يطلقوا لعقولهم عنان الفكرة، ولم يتأملوا فيما بين أيديهم وما خلفهم، وعن أيمانهم وعن شمائلهم من دلائل القدرة، ورضوا بالتقليد الأعمى لأسلافهم وآبائهم، وجمدوا على ما ورثوا من فاسد عقائدهم، لما وضعوا فى أعناقهم من هذه القيود والأغلال من التقليد والجمود: لم يكن لهم مجال إلى إدراك الحقيقة الواضحة، حقيقة الإيمان بالمعاد، والتسليم بالبعث والنشور، فتكون الآية على ذلك كناية عن الجمود والتقليد، المانع عن إدراك الحق، وتعرف أصوله وقواعده، وبنحو هذا قال الأصم وتؤيده الآية الكريمة فى سورة يس: إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ [يس: 8].
قال أبو عبيدة: هو مثل ضربه الله لهم فى امتناعهم عن الهدى، كامتناع المغلول، وقال الشاعر: «لهم عن الرشد أغلال وأقياد» ولا ريب فى أن الجمود أشد ما يبعد الناس عن إدراك الحقائق.
وذهب جمهور المفسرين إلي: أن الآية على ظاهرها، وأنها وعيد لهؤلاء الجاحدين على جحودهم، وتصوير لحالهم يوم القيامة، وبيان لما ينتظرهم من عذاب، فهو من قبيل

اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 389
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست