responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 386
والبحث فى عوالم النبات وعجائب حياته- بعد حياة القلب باليقين، وصحة الفكرة- يؤدى إلى: كمال العقل وتمام المعرفة، ولذلك كان ختام الآيات: (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) فاليقين شعور يلتئم مع الفكرة فينتج العقل الكامل (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا).

الحث على تعلم هذه العلوم:
ولعل من ناقلة القول: أن نذكر أن ورود هذه الآيات بهذا الأسلوب فى القرآن الكريم، أكبر دافع للمسلمين إلى أن يدرسوا هذه العلوم، ويستبحروا فى دراستها، ويأخذوا منها بالنصيب الأوفر، فهى وسيلتهم إلى معرفة الله تبارك وتعالى.
وقد اعتبر الإسلام التفكر فى هذه المصنوعات الربانية، والتبحر فى دراسة أسرار الكون: عبادة لا تعدلها عبادة، وهم بذلك يستطيعون أن يدفعوا عن دينهم شبهات بعض الذين عرفوا قشورا من هذه المعارف ثم راحوا يهاجمون بها العقائد، مخادعين بأن العلم يناقض الدين، وهو كلام كاذب لا حجة عليه، بل ان معرفة الكون هى الوسيلة الصحيحة لمعرفة الله فى نظر الإسلام، ومن كلام الفيلسوف الإنجليزى (هربرت سبنسر) فى هذا المعنى فى رسالة (التربية):
«العلم يناقض الخرافات ولكن لا يناقض الدين نفسه. يوجد فى شىء كثير من العلم الطبيعى الشائع روح الزندقة، ولكن العلم الصحيح الذى أفاد المعلومات الصحيحة، ورسب فى أعماق الحقائق: براء من هذه الروح.
العلم الطبيعى لا ينافى الدين، ولكن الذى ينافى الدين هو ترك هذا العلم.
التوجه للعلم الطبيعى عبادة صامتة، واعتراف صامت بنفاسة الأشياء التى تعاين وتدرس ثم بقدرة خالقها، فليس ذلك التوجيه تسبيحا شفهيا، بل هو تسبيح عملى.
وليس باحترام مدعى، إنما هو احترام أثمرته تضحية الوقت والتفكير والعمل.
وهذا العلم لا يسلك طريق الاستبداد فى تفهيم الإنسان استحالة إدراك (ذات الله)، ولكنه ينهج بنا النهج الأوضح فى تفهيمنا هذه الاستحالة بإبلاغنا جميع أنحاء تلك الحدود التى لا يستطاع اجتيازها، ثم يقف بنا فى رفق وهوادة عند هذه النهاية، وهو بعد ذلك يرينا- بكيفية لا تعادل- صغر العقل الإنسانى إزاء ذلك الذى يفوت العقل. أهـ.

اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 386
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست