responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 380
من كروية الأرض، فإن كل جزء من أجزاء سطح الأرض يبدو فى رأى العين ممتدا مبسوطا، وحقيقة وضعه تكاد تكون كذلك، إذ لا يتوفر فيها معنى التكوير والتقوس لسعة المحيط، والقرآن لا يريد تنبيه الناس إلى المعنى العلمى البحت فى شأن الأرض، ولكنه يريد تنبيههم إلى الاعتبار والتفكر فيما يقع تحت حواسهم منها، وهذا الذى يقع تحت حواسهم منها هو ما يستخدمونه فعلا ويعيشون عليه فعلا، وهذا الجزء لا مظهر فيه ولا حقيقة ولا حسا لمعنى التقوس الذى لا يكاد يدرك. فلهذا أثر التعبير بالمد والبسط والفرش ونحوها.
قال الشوكانى: (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ): قال الفراء: بسطها طولا وعرضا. وقال الأصم: إن المد هو البسط إلى ما لا يدرك منتهاه. وهذا المد الظاهر لا ينافى كرويتها فى نفسها لتباعد أطرافها [1].
وفى الجزء الأول من تفسير (المنار) عند قوله تبارك وتعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [البقرة:
29] استطرد إلى معنى الدحو، «الدحو» فى أصل اللغة دحرجة الأشياء القابلة للدحرجة كالجوز واللوز والكرى والحصا ورميها ويسمون المطر الداحى لأنه يدحو الحصا وكذا اللاعب بالجوز [2]. وفى حديث أبى رافع: كنت ألاعب الحسن والحسين رضوان الله عليهما بالمداحى، وهى أحجار أمثال القرضة كانوا يحفرون ويدحون فيها بتلك الأحجار فإن وقع الحجر فيها غلب صاحبها، والأغلب ذكره فى اللسان، وقال بعده: والدحو هو رمى اللاعب بالحجر والجوز وغيره ... إلى أن قال: وهذا لا ينافى ما قيل من أن معناه:
بسطها أى وسعها ومد فيها. وأنه سطحها أى جعل لها سطحا واسعا يعيش عليه الناس وغيرهم. فمن جعل مسألة كرويتها وسطحها أمرين متعارضين يقول بكل منها قوم يطعنون فى الآخرين فقد ضيقوا من اللغة والدين واسعا بقلة البضاعة فيهما والله أعلم [3].
(وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ وَأَنْهاراً) الرواسى: الجبال الثوابت، وهى جمع راسية، والإرساء:
الثبوت [4]. قال جميل:

[1] انظر: فتح القدير للشوكانى (3/ 66).
[2] انظر: أساس البلاغة للزمخشرى ص 184.
[3] انظر: تفسير المنار (1/ 248 - 249).
[4] انظر: أساس البلاغة ص 232.
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 380
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست