اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 38
وجعل البنا من وصاياه التى تلقى عناية من تلامذته وأتباعه:" اتل القرآن أو طالع أو استمع أو اذكر الله، ولا تصرف جزءا من وقتك فى غير فائدة" [1].
ولما رأى البنا الغزو الفكرى يغزو الأمة فى أعزّ ما تملك من مصادر عزتها، وهو القرآن الكريم، عند ما انتشرت المدارس الأجنبية، وقلّ الحفاظ لكتاب الله، لم يقف البنا وقفة المتفرّج، الذى يقف ولا همّ له إلا أن يتغنّى بماض، أو يبكى على أطلال، بل وضع البنا يده على المرض، كما يضع الطبيب مبضعه على المريض، ليعلم ما فى الجسد المعتل، ثم بعد ذلك يصف الدواء، وهذا ما فعله البنا رحمه الله عند ما كتب مقاله المطول فى مجلة (الفتح) بعنوان: وسائل المحافظة على القرآن الكريم. وبيّن فيها تلك الوسائل ومن يقوم بتنفيذها.
البنا والحقيقة القرآنية ([2]):
كما استطاع الإمام حسن البنا أن يحوّل القرآن إلى حقيقة قرآنية، لا إلى مجرّد تلاوة، أو لمجرّد الترف العلمى، بل حوّله إلى واقع ملموس، فالمتتبع لمسيرة الإسلام منذ نزول القرآن إلى يومنا هذا يجد فارقا بين الجيل الأول، وبين الأجيال التى تحيا اليوم، حتى سمّى الشهيد سيد قطب هذا الجيل الأول: الجيل القرآنى الفريد، وحلّل علّة عدم تكرار هذا الجيل، وغياب نماذجه الفذة، مما جعله يبحث عن السّر فى ذلك متسائلا: هل غياب الرسول صلى الله عليه وسلم هو السبب؟ لو كان ذلك لما أماته الله، ولكتب له الخلود والبقاء إلى يوم القيامة، وبخاصة أن الله أرسله بآخر رسالاته، ولكنّ الله أماته، وفى ذلك دلالة على أن الدين يصلح أن يسير بغير شخصه، ولكن يسير بتعاليمه دون احتياج إلى جسده، ثم اهتدى رحمه الله إلى السر فى ذلك، وأنه الفارق بين تلاوتنا للقرآن وتلاوتهم له، فهم يتلون القرآن لأنه كتاب الله، ولأنه يجعلهم يحيون فى كنف الله، وبتلاوتهم له يستمعون كلامه.
كما أنهم يقرءون القرآن ليس من باب الترف العلمى، أو من باب أنهم حفظوا القرآن للتباهى بأنهم من حفظته، بل كان الواحد منهم يقرأ الآية ليعمل بها، حتى رأينا منهم [1] الوصية الثانية من الوصايا العشر للشيخ حسن البنا. [2] اقتبست هذا العنوان من مقال للأستاذ عبد الحكيم خيال فى مجلة الدعوة سنة 1976 م.
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 38