responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 363
ومنها: ما يجب علينا للخالق العظيم الذى أودع فطرنا الشعور بسلطانه، وهدى قلوبنا إلى الإيمان به بما نراه من آياته فى الآفاق وفى أنفسنا، فإن هذا الشعور وهذه الهداية مبهمان لا سبيل لنا إلى تحديدهما من حيث ما يجب اعتقاده فى الله تعالى، وفى حكمة خلقنا ومراده منا، وما يتبع ذلك من أمر مصيرنا، ومن حيث ما يجب له من الشكر والعبادة، وهذا مما لا سبيل إلى معرفته بطريق صناعى أو كسب بشرى، فقد وقعت الأمم فى الحيرة والخطأ فى مسائله لجهلهم بالصلة والنسبة بين المخلوق والخالق، فمنهم من وصفه تعالى بما لا يصح أن يوصف به. ومنهم من توهم أن أعمالنا تفيده أو تؤلمه، وأنه ينعم علينا أو ينتقم منا بالمصائب لأجل ذلك. ومنهم من توهم أن الحياة الآخرة تكون بهذه الأجساد، والجزاء فيها يكون بهذا المتاع، فاخترعوا الأدوية لحفظ أجسادهم ومتاعهم [1].
وإذا كان الإنسان عاجزا عن تحديد ما يجب عليه ويحتاج إليه من الإيمان بالله وبالحياة الأخرى، وما يجب عليه فى الحياة الأولى شكرا لله واستعدادا لتلك الحياة، لأن الحواس والعقل لا يدركان ذلك، فلا شك أنه محتاج إلى عقل آخر يدرك به ما يعوز أفراده من هذه الأمور وهذا العقل هو النبى المرسل. وهذا هو (القسم الرابع).
وبقى (قسم خامس) وهو: ما يستطيع العقل البشرى إدراك الفائدة منه، ولكنه عرضة للخطأ فيه دائما، لما يعرض له من الأهواء والشهوات التى تلقى الغشاوة على الأبصار والبصائر، فتحول دون الوصول إلى الحقيقة، أو تشبه منافع الضار وتلبس الحق بالباطل.
ومثال ذلك: السعاية، يدرك العقل ما فيها من الضرر والقبح، ولكنه إذا رأى لنفسه فائدة من السعاية لشخص يزينها له هواه، ويراها حسنة من حيث هو يخفى عليه ضررها لذاتها. وكذلك شرب الخمر والحشيش قد يعرف الإنسان مضرتهما فى غيره، ولكن الشهوة تحجبه عن إدراك ذلك فى نفسه فيؤثر حكم لذته على حكم عقله الذى ينهاه عن كل ضار، فصار محتاجا إلى معلم آخر ينصر العقل على الهوى، ووازع يكبح من جماح الشهوة ليكون على هدى.

[1] والذى يؤخذ على هؤلاء قصور إدراكهم عن إمكان الإعادة بعد التحليل فى الأجساد، والمساواة بين نعيم الدنيا والآخرة مع أنه لا نسبة بينهما فنعيم الآخرة أجل وأعظم من أن يقاس بهذا المتاع الغالى مهما بالغ بالناس فى المحافظة عليه. (البنا).
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 363
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست