responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 354
ومن البدهى أن هذا الموقف لا يؤخذ على الإسلام فى شىء، فإن العقل البشرى وهو عماد العقيدة فى الإسلام يقف إلى الآن موقف العجز المطلق أمام حقائق الأشياء جميعا، وكل الذى وصل إليه إنما هو الخواص والصفات والآثار، أما الحقائق والبسائط المجردة فلم يصل إليها بعد. وما كان الإسلام ليكلف الناس ما لا تستطيع أن تدركه العقول والأفهام.
ثانيا: التوصل إلى معرفة صفات الإله وإدراك كمالات الألوهية ومميزاتها عن طريق النظر فى الكون نظرا صحيحا، وتحرر العقول والأفكار من الموروثات والأهواء
والأغراض حتى يصل إلى الحكم الصائب.
والقرآن مملوء بالبحث عن النظر فى المكونات والتأمل فى المخلوقات، وقد ذكر العقل فى القرآن الكريم أكثر من أربعين موضعا مقرونا بالتبجيل والتكريم والحث على الجد والعمل فى إدراك الحقائق، والسير فى سبيل كشف مستوراتها، وذلك من مثل قوله تعالى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [البقرة: 164].
ومن مثل قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ [فاطر: 27، 28] فهو فى هذه الآية يحض على اكتشاف غرائب النبات والحيوان والجماد بأقسامه، ثم يرتب على ذلك الخشية من الله لما بين معرفة الكون ومعرفة مكونه من صلة، ومن مثل الآيات الكريمة التى نحن بصددها من سورة الرعد [1].
ثالثا: إثبات صفات الكمال للخالق نتيجة للنظر فى هذا الكون، فالله موصوف فى الإسلام بالوجود، وبالعلم، وبالقدرة، وبالحياة، وبالسمع، وبالبصر، وبالجمال، وبالحكمة، وبالإرادة الخ، مع الإقرار بأن كيفياتها وحدودها مجهولة ضرورة الجهالة بذات

[1] لمزيد من التفصيل حول موضوع التفكر ودعوة القرآن العقل للنظر فى الكون، انظر: «التفكير فريضة إسلامية» للأستاذ عباس محمود العقاد، وكتاب: «العلم والعقل فى القرآن» للدكتور يوسف القرضاوى.
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 354
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست