حروف الفواتح:
(المر) الكلام فى فواتح السور بهذه الحروف الكريمة تقدم مسهبا، واختار صاحب المنار فى ذلك أنها أسماء للسور [1]، وقد يعترض على هذا القول بأن ذلك يتجه لو لم يكن لهذه السور أسماء، أما وقد سميت بعد ذلك فما الحكمة فى تعدد التسمية؟.
وقد أشار الحافظ ابن كثير إلى أن كل سورة تفتتح بمثل هذه الحروف ففيها الانتصار للقرآن وبيان أحقيته، مما يدل على أن المقصود بها لفت النظر إلى اختصاصه بالإعجاز مع أنه مركب من جنس هذه الحروف التى تفتتح بها السور. ومن طرائفه فى ذلك أنه نقل عن بعضهم: أن مجموع حروف الفواتح فى القرآن أربعة عشر حرفا يجمعها قولك:
«نص حكيم قاطع له سر» [2] ولا شك أنه استئناس طريف ولكن غير مقصود طبعا.
وقد قيل فى تأكيد المعنى الأول- وهو أن هذه الحروف فى فواتح السور للإشارة إلى الإعجاز-: أنك لو أنعمت النظر فى حروف كل سورة من السور التى تفتتح بالحروف المتقطعة لوجدت حروف الافتتاح أكثر الحروف دورانا فيها، وعلى هذا القول نستطيع أن نفهم حكمة اختلاف هذه الفواتح، فهى أحيانا الم فقط، وأحيانا (المص)، وأحيانا (الر)، وأحيانا (المر)، وتتضح لك بهذا حكمة زيادة الميم فى فاتحة الرعد بخلاف ما قبلها وما بعدها.
ونقل عن ابن عباس أن الحكمة فى زيادة الميم فى هذه الفاتحة: أن معنى الفواتح السابقة فى (الر) فقد أنا الله أرى، وأما فى هذه فمعناها أنا الله أعلم وأرى بزيادة أعلم على ما نقل عن ابن عباس فى أن هذه الحروف أجزأت عن كلمات [3]، والقول الأول أوضح وأبين.
ومما يعجبنى فى حكمة افتتاح السور بهذه الحروف ما أشار إليه الحافظ ابن كثير: أن المراد التحدى بنفس هذه الحروف وبيان ذلك: أن المعلوم لدى قريش ومن جاورها، بل [1] انظر: تفسير المنار (8/ 296 - 303). [2] انظر: تفسير ابن كثير (1/ 36). [3] انظر: زاد المسير (4/ 300).
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 346