responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 344
المناسبة بين هذه السورة الكريمة وما قبلها:
وتستطيع من ذلك أن تلمس المناسبة بين هذه السورة وبين السورة التى قبلها، ففي السورة التى قبلها أجمل يوسف عليه السلام عقيدة التوحيد فى قوله: يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ [يوسف: 39]، وفى هذه السورة أفاض فى بيان هذه العقيدة وتدعيمها بالأمثلة الواضحة والبراهين والأدلة.
وفى السورة التى قبلها تناول بالتحليل نفوس إخوة يوسف، وما استولى عليها من أخلاق إذ ذلك دفعتهم إلى ما فعلوا بأخيهم، ثم ما كان بعد ذلك من توبتهم ومسامحته إياهم واستغفار أبيهم لهم، وفى هذه بسط لأخلاق المؤمنين كالتأكيد لما ذكر هنالك والتبيين له.
وفى سورة يوسف أجمل الإشارة إلى ما فى الكون من روائع الآيات، وإن أعرض الناس عنها، ولم يكلفوا أنفسهم عناء النظر فيها، فذلك قوله تعالي: وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ [يوسف: 105]، وفى هذه السورة الكريمة تناول هذا الإجمال بالتفصيل المبين، فذكر من آيات الله فى السماء
والأرض، والشمس والقمر، والليل والنهار، والماء والنبات، والرعد والبرق إلخ ما يلفت الأبصار الزائغة، ويسترعى الأفئدة الغافلة المعرضة.
ولما كانت سورة يوسف قد تناولت بالبيان والتفصيل ما كان من جدود اليهود والنصارى وهم أبناء يعقوب بالنسبة لأخيهم، ثم ختمت بأن فى قصص هؤلاء وغيرهم من أنبياء الله الذين قص الله من نبئهم على رسوله عبرة لأولى الألباب، وكان ذلك مظنة اعتراض من اليهود على عادتهم فى التحريف والعناد، جاءت فاتحة سورة الرعد مؤكدة لكل هذه المعانى، فذلك قوله تعالي: وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ [الرعد: 1]، وبذلك ينقطع عليهم سبيل الاعتراض ويتقرر المعنى فى نفس القارئ والسامع.
ولما كان ختام سورة يوسف قد عرض لحقيقة الدعوة القرآنية وسبيلها فى قوله تعالى:
قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي [يوسف: 108] مع بيان أن

اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 344
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست