responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 309
وستر نقائصهم وعيوبهم والرحمة بهم، وهو رحمة الله للعالمين، فهم يعتمدون فى خلقه الكريم على هذه الصفات، ولهذا يستأذنون وهم مطمئنون، ولقد أذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فعاتبه ربّه هذا العتاب الرقيق: عفا الله عنك لم أذنت لهم، حتى يتبين لك الذين صدقوا فيثق الناس بهم، وتعلم الكاذبين فتحذرهم وتحذرهم الأمّة، وفى ذلك حماية لها وتأديبا لهم. ومن هنا كان من الواجب على أصحاب الدعوات ألّا يجاملوا أحدا على حساب مصلحة الدعوة أبدا، وأن يظهروا الناس على خفايا الكائدين المنافقين ليحذروهم.

تعرّض لعصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام:
ولقد أطال المفسّرون بمناسبة هذه الآية فى موضوع عصمة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، والإجماع منعقد على عصمتهم الكاملة فيما يبلغون عن الله عز وجل، وفيما يتّصل بصميم الرسالة من قول أو فعل، أما ما يتصل باجتهادهم فجائز عليهم الخطأ والصواب فيه [1]، وفى ذلك معنى عال من معانى القدوة فى التشريع، ورفع عقيدة التّأليه، وقد رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رأيه فى أحد لرأى أصحابه [2]، وفى بدر لرأى الحباب بن المنذر [3]، وفى تأبير النّخل لقول أهل

[1] انظر فى ذلك: الإحكام للآمدى، وإرشاد الفحول للشوكانى وغيره.
[2] استشار النبىّ صلى الله عليه وسلم أصحابه فى الخروج للقاء المشركين، وكان رأيه صلى الله عليه وسلم أن يظلوا فى المدينة ولا يخرجوا منها، وأن تكون حربا من داخل المدينة نفسها، بأن يقاتلهم المسلمون على أفواه الأزقة، والنساء من فوق البيوت، ولكن الشباب الذين لم يخرجوا فى (بدر) تحمّسوا للخروج، وكانوا الأغلبية فى الخروج، فنزل النبى صلى الله عليه وسلم على رأيهم، على الرغم من رؤياه التى رآها فى منامه، فقد رأى بقرا تذبح، ورأى أن فى سيفه ثلمة، وأنه أدخل يده فى درع حصينة، فتأول الثلمة فى سيفه برجل يصاب من أهل بيته، وتأول البقر بنفر من أصحابه يقتلون،
وتأول الدرع بالمدينة. والمعلوم أن رؤيا الأنبياء حق، ولكنه مع ذلك أخذ برأى الأغلبية. روى قصة شورى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أحد: أحمد (4/ 317) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما، ورواه البيهقى فى" السنن" (10/ 156) والحاكم (2/ 141) وصححه ووافقه الذهبى عن ابن عباس رضى الله عنهما، ورواه عبد الرزاق (9735) والبيهقى فى" السنن" (10/ 155) عن عروة مرسلا. وانظر: زاد المعاد لابن القيم (3/ 193، 194) وقال محققاه: رجاله ثقات.
[3] استشار النبى صلى الله عليه وسلم فى بدر عند ما سار حتى نزل عشيّا أدنى ماء من مياه بدر، فقال:" أشيروا علىّ فى المنزل" فقال الحباب بن المنذر: يا رسول الله! أنا عالم بها وبقلبها، إن رأيت أن تسير إلى قلب قد-
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 309
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست