اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 296
الشمس: اثنا عشر، ومنازل القمر: اثنا عشر كذلك، وذلك التقسيم قائم منذ تمّ تكوين هذه المجموعة، فهو فى كتاب الله بحكم التكوين، فقد خلق الله السماوات والأرض، ومعنى الكتاب على هذا الفهم: التقدير الإلهى التكوينى.
ويرى بعض المفسرين: أن هذا التقسيم بحكم الشرع، فمعنى الكتاب إذن: التقييد الإلهى التشريعى السابق فى علم الله تبارك وتعالى، ولعل الأول أولى وأدق وأوفى بالغاية من تأكيد هذا التقسيم، وأنه لا يمكن أن يخالف بحال.
وإنما آثر الإسلام الحساب بالشهور القمرية لا الشمسية، فالصوم والحج والأعياد والمواسم كلها تتبع هذا الحساب، لحكمة بالغة هى: بساطة هذا الحساب، وسهولة إدراكه للناس جميعا، لأنّ ظهور الهلال علامة لأول كل شهر، فيستطيع كل إنسان أن يدرك، وأن يحسب، وأن يؤدى شعائر الله المرتبة بهذا التوقيت من غير حاجة إلى الحاسبين أو المتحكمين من رؤساء الأديان، أو علماء الفلك، أو أدعياء التنجيم والتوقيت، فبساطة هذا الحساب وفطرته تتمشّى مع سهولة الإسلام ويسره، كما أن من الحكم كذلك: أن تقع العبادات فى أوقات وفصول مختلفة من السّنة، فيستفيد الإنسان بمزاياها جميعا، ويستقبلها كلها بطاعة الله [1].
لطيفة:
ولعلّ من اللطائف فى الآية الكريمة: التنصيص على عدد الشهور بهذا الوضوح، وتأكيد هذا العدد بهذه القوة مع التسليم بصحته، فقد ظهر فى هذا الزمان من يزعم أنّ الشهور تسعة عشر، ويحسبها حسابا لا قاعدة له ولا أساس يستند إليه، ويدّعى هذا دينا ورأيا سديدا، وما هو إلا خرافة ووهم، فكأنما سبقت الآية بالرد على مثل هؤلاء قبل أن يظهروا فى عالم الوجود، وهى من دقائق القرآن الكريم ومعجزاته ولا شك.
الأربعة الحرم:
والأربعة الحرم هى ثلاث متواليات: (ذو القعدة وذو الحجة والمحرم) وواحد فرد هو:
(رجب). [1] يقصد بذلك الإمام الشهيد أن علة إيثار الشهور القمرية، أن المسلم يستفيد منها فى العبادة، كالصوم مثلا، فهو يصوم فى الصيف والشتاء والربيع والخريف، وبذلك يحسّ بطعم لعبادته، وأنها ليست ثابتة فى برد الشتاء دون حرّ الصيف.
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 296