responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 284
وروى الإمام أحمد والترمذى وابن جرير عن عدى أنه لما بلغته دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرّ إلى الشام، وكان قد تنصّر فى الجاهلية، فأسرت أخته وجماعة من قومه، ثم منّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها وأعطاها، فعزم على القدوم على النبىّ صلى الله عليه وسلم، فقدم على المدينة، وكان رئيسا فى قومه طئ، وأبوه
حاتم المشهور بالكرم، فتحدّث الناس بقدومه، فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفى عنق" عدى" صليب من فضة، وألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية:
(اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ) فقلت: إنهم لم يعبدوهم! فقال: بلى، إنهم حرّموا عليهم الحلال، وأحلّوا لهم الحرام، فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عدى ما تقول؟ أيضرّك أن يقال: الله أكبر، فهل تعلم شيئا أكبر من الله؟ أيضرك أن يقال: لا إله إلا الله، فهل تعلم إلها غير الله، ثم دعاه إلى الإسلام، وشهد شهادة الحق. قال: هذا رأيت وجهه استبشر" [1].
وكلا المعنيين نهى الإسلام عنهما وحذّر منهما، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أشد النهى عن أن يتمثّل له الرجال قياما [2]، أو أن يقولوا عنه أكثر من أنه عبد الله ورسوله [3]، ثم هو بعد ذلك يجهر: بأنه لا يحل ولا يحرم، ولا يأمر ولا ينهى إلا بما أوحى إليه: وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ [يونس: 15]، فكيف بغيره من العلماء والعبّاد؟! أما أن أهل الكتاب قد أمروا بعبادة الله وحده على لسان موسى وعيسى عليهما

[1] رواه أحمد (5/ 511) والترمذى (2954) وقال: حديث غريب. والطبرانى فى" الكبير" (17/ 98) عن عدى بن حاتم رضى الله عنه.
[2] وذلك عند ما خرج صلى الله عليه وسلم متوكئا على عصا، فقام الصحابة إليه، فقال:" لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضا" رواه أحمد (6/ 337، 341) وابن ماجة (3836) والبيهقى فى" الشعب" (8937) عن أبى أمامة رضى الله عنه. بل نهى عن السجود له صلى الله عليه وسلم، عند ما أراد بعض الصحابة ذلك، ونهاهم عن ذلك نهيا جازما.
[3] وذلك فى قوله صلى الله عليه وسلم:" لا تطرونى كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم، فإنما أنا عبد الله ورسوله" رواه أحمد (1/ 40، 42) والبخارى (3445) والدارمى (2784) وابن حبان (6239) وأبو يعلى (153) وعبد الرزاق (20524) عن عمر رضى الله عنه.
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 284
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست